التكليف بالجامع بين المقدور وغيره على نحو يكون للواجب إطلاق بدلي يشمل الحصّة غير المقدورة ؛ وذلك لأنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور ، ويكفي ذلك في إمكان التحريك نحوه ، وهذا هو الصحيح.
القول الثاني : ما ذهب إليه المحقّق الثاني وجماعة من العلماء واختاره السيّد الشهيد أيضا ، من أنّ التكليف بالجامع بين المقدور وغير المقدور ممكن ؛ لأنّه مقدور للمكلّف ؛ لأنّ التكليف بالجامع المذكور بنحو الإطلاق أو العموم البدلي معناه أنّ المكلّف مخيّر في تطبيق هذا الجامع على أيّة واحدة من حصصه ، فالحصّة المقدورة كغير المقدورة يشملها هذا التخيير ، غايته كون المكلّف في مقام التطبيق والامتثال عمليّا لا يمكنه أن يختار إلا الحصّة المقدورة له ، لعجزه عن الحصّة الأخرى.
وهذا المعنى من التخيير مقبول لدى العقل والعقلاء والعرف أيضا ، وليس داخلا في التكليف بغير المقدور ؛ لأنّ الحصّة غير المقدورة لا يراد إسراء الحكم والتكليف إليها وإنّما يراد كونها مشمولة للتخيير فقط ، بمعنى أنّ المكلّف في مقام الامتثال مخيّر بينها وبين غيرها وليس امتثاله متعيّنا بحصّة خاصّة فقط ، بحيث لو فرض ارتفاع عذره وعجزه عنها لأمكن تطبيق الجامع عليها تمسّكا بالتكليف بالجامع ولا يحتاج إلى أمر جديد.
وبتعبير آخر : إنّ التكليف انصبّ على الجامع فالمطلوب من المكلّف امتثال هذا الجامع وإيجاده في الخارج ، فلا بدّ من ملاحظة قدرة المكلّف على إيجاد الجامع في الخارج هل هو ممكن له أم لا؟ والمفروض أنّه ممكن ولو ضمن الحصّة المقدورة. إذا فالتكليف بالجامع ممكن ؛ لأنّه يمكن التحرّك والانبعاث عنه ولو ضمن إحدى حصصه ؛ إذ لا يشترط في الجمع أن تكون كلّ حصصه مقدورة وضمن اختيار المكلّف ؛ إذ من الواضح أنّ بعض حصص الجامع خارجة عن اختياره ولو من جهة عدم ابتلائه بها لبعدها عنه مثلا.
وثمرة هذا البحث تظهر فيما إذا وقعت الحصّة غير المقدورة من الفعل الواجب صدفة وبدون اختيار المكلّف ، فإنّه على قول المحقّق النائيني يحكم بعدم إجزائها ووجوب إتيان الجامع في ضمن حصّة أخرى ؛ لأنّه يفترض اختصاص الوجوب