التقييد بعدم المانع الشرعي
قلنا : إنّ القانون المتّبع في حالات التزاحم هو قانون ترجيح الأهمّ ملاكا ، ولكن هذا فيما إذا لم يفرض تقييد زائد على ما استقلّ به العقل من اشتراط ، فقد عرفنا أنّ العقل يستقلّ باشتراط مفاد كلّ من الدليلين بالقدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ ، فإذا فرضنا أنّ مفاد أحدهما كان مشروطا من قبل الشارع ـ إضافة إلى ذلك ـ بعدم المانع الشرعي أي بعدم وجود حكم على الخلاف دون الدليل الآخر ، قدّم الآخر عليه ، ولم ينظر إلى الأهمّيّة في الملاك.
ومثاله : وجوب الوفاء بالشرط إذا تزاحم مع وجوب الحجّ ، كما إذا اشترط على الشخص أن يزور الحسين عليهالسلام في عرفة كلّ سنة واستطاع بعد ذلك ، فإنّ وجوب الوفاء بالشرط مقيّد في دليله بأن لا يكون هناك حكم على خلافه بلسان « أنّ شرط الله قبل شرطكم » (١) ، وأمّا دليل وجوب الحجّ فلم يقيّد بذلك فيقدّم وجوب الحجّ ولا ينظر إلى الأهمّيّة.
يتعرّض السيّد الشهيد في هذا المطلب إلى بيان قيد زائد على القدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ في أحد المتزاحمين ، فإنّ وجود هذا القيد في أحدهما يكون مانعا من الأخذ بالقاعدة الأساسيّة في الترجيح وهي ترجيح الأهمّ ملاكا على الأقلّ أهمّيّة ، وذلك فيما إذا كان الأهمّ فيه مثل هذا القيد ، فإنّه يكون مانعا من ترجيحه على الأقلّ أهمّيّة.
وتوضيحه أن يقال : إنّ القاعدة الأساس في باب التزاحم هي ترجيح الأهمّ ملاكا على غيره ـ وسيأتي لا حقا الطرق التي يعرف بها الأهمّ ملاكا من غيره ـ إلا أنّ هذه القاعدة إنّما يؤخذ بها فيما إذا لم يكن هناك قيد زائد في الأهمّ ، فإن فرض أنّ الخطاب
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢١ : ٢٩٧ ، أبواب المهور ، ب ٣٨ ، ح ١.