يتعبّدنا بها دليل الاستصحاب لا معنى محصّل لها ؛ لأنه إن كان المقصود من هذه الملازمة هو الملازمة الواقعيّة بين الحدوث والبقاء ، فيكون المراد من التعبّد الاستصحابي حينئذ أنّ ما كان حادثا واقعا فهو باق واقعا ، فهذا معناه أنّ الاستصحاب أصبح كاشفا تعبّديّا عن الواقع على أساس هذه الملازمة ، وهذا يجعله داخلا ضمن الأمارات التي تجعل من أجل حيثيّة الكشف فيها.
وهذا خلف كون الاستصحاب أصلا عمليّا ، إذ كونه أصلا يعني أنّه لا يوجد كشف فيه عن الواقع.
وإن كان المقصود من هذه الملازمة هو الملازمة الظاهريّة أي مرحلة التنجّز ، فيكون المراد من التعبّد بهذه الملازمة هو أنّ كلّ ما قام عليه المنجّز ظاهر حدوثا وثبوتا فهو باق على منجّزيّته تعبّدا واستصحابا ، فإذا قامت الأمارة ونحوها ممّا يثبت المنجّزيّة ثبوتا وحدوثا فهذا المنجّز باق تعبّدا فيما إذا شكّ في بقاء منجّزيّته.
إلا أنّ هذا يلزم منه أن تكون أطراف العلم الإجمالي منجّزة بقاء حتّى مع انحلال هذا العلم بعلم تفصيلي ببعض الأطراف ؛ لأنّ المفروض أنّها منجّزة حدوثا بالعلم الإجمالي ويشكّ بعد انحلاله في بقاء منجّزيّتها فتستصحب.
فلو قام لدينا علم إجمالي بنجاسة أحد الإناءين ، فهذا يعني ثبوت المنجّزيّة لهما على أساس منجّزيّة العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة وحرمة المخالفة القطعيّة ، ثمّ لو قام لدينا علم تفصيلي بنجاسة هذا الإناء بعينه فهنا سوف ينحلّ العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي بنجاسة هذا الإناء وشكّ في نجاسة الآخر.
وهنا بمقتضى ما تقدّم في بحث العلم الإجمالي تجري الأصول المؤمّنة في الإناء الآخر ، وبالتالي يخرج عن المنجّزيّة ، إلا أنّه بناء على كون الاستصحاب يعبّدنا ببقاء ما تنجّز سابقا على أساس الملازمة الظاهريّة بين الحدوث والبقاء فسوف يكون هذا الإناء منجّزا بقاء أيضا ؛ لأنّه كان منجّزا سابقا ويشكّ في بقاء هذه المنجّزيّة لاحقا وبقاء بعد زوال العلم الإجمالي فيجري استصحاب المنجّزيّة. إلا أنّ هذا لا يلتزم به أحد.
وعليه فلم يتحصّل معنى لهذه الملازمة التي يجعلها الشارع ويعبّدنا بها.
وهذا الاعتراض غريب ؛ لأنّ المراد بالملازمة بين الحدوث الواقعي