وجوب الأكثر ، بمعنى أنّ الذمّة لم تشتغل به يقينا ولم يدخل في العهدة ، وبالتالي لم يتعلّق به التكليف.
ولا يراد بهذا الأصل المؤمّن إثبات سقوط وجوب الأقلّ ليقال بأنّه من الأصل المثبّت بتقريب أنّ جريان البراءة عن الأكثر لازمه ثبوت وجوب الأقلّ ، وحيث إنّه امتثله فيتحقّق سقوط وجوبه.
بل المراد بهذا الأصل أنّ المكلّف ليس مطالبا بأكثر من الإتيان بالأقلّ في مقام إسقاط التكليف والخروج عن العهدة ، من جهة أنّ الزائد مؤمّن عنه ، فلا حاجة إلى الإتيان به في مقام الخروج عن عهدة التكليف ، بل الخروج كذلك يتحقّق بالإتيان بالأقلّ فقط.
وهو علم إجمالي يجري في الواجبات التي يحرم قطعها عند الشروع فيها كالصلاة ، إذ يقال بأنّ المكلّف إذا كبّر تكبيرة الإحرام ملحونة وشكّ في كفايتها حصل له علم إجمالي إمّا بوجوب إعادة الصلاة ، أو حرمة قطع هذا الفرد من الصلاة التي بدأ بها ؛ لأنّ الجزء إن كان يشمل الملحون حرم عليه قطع ما بيده وإلا وجبت عليه الإعادة ، فلا بدّ له من الاحتياط ؛ لأنّ أصالة البراءة عن وجوب الزائد تعارض أصالة البراءة عن حرمة قطع هذا الفرد.
البرهان الرابع : ما ذكره المحقّق العراقي ، من إبراز علم إجمالي منجّز ، إلا أنّه مختصّ في الموارد التي يكون الواجب فيها مركّبا بنحو لا يجوز قطعه عند الشروع فيه ، وبنحو لا تجري فيه قاعدة ( لا تعاد ) ، كما في الصلاة والحجّ مثلا.
فإنّ المكلّف إذا شكّ في أوّل الصلاة أنّ تكبيرة الإحرام الملحونة هل تكفي لتحقّق المأمور به أو لا بدّ من التكبيرة الصحيحة؟
أو شكّ في أنّ الاستقبال للقبلة هل يكتفى فيه بالبناء على النظر العرفي التسامحي أو لا بدّ فيه من الدقّة؟
وعليه فإذا كبّر تكبيرة ملحونة أو استقبل القبلة من دون بناء على الدقّة فلو كان ذلك كافيا لوجب عليه الإتمام ؛ لأنّه شرع في تكليف يحرم قطعه ، وإذا لم يكن كافيا بأن كان الواجب هو التكبيرة الصحيحة أو الاستقبال الدقيق وجب عليه الإعادة من