الغليان ، وبذلك يرتفع الشكّ في الحلّيّة التي هي مورد جريان الاستصحاب التنجيزي.
ولا يقال : إنّ الاستصحاب التنجيزي إذا جرى ثبت به الحلّيّة الفعليّة ، وبالتالي لا شكّ في الحرمة التعليقيّة ، لأنّه لا يوجد ملازمة وسببيّة بين ثبوت الحلّيّة الفعليّة وعدم ثبوت الحرمة المعلّقة ، بل يجتمعان معا.
ونلاحظ على ذلك : أنّ هذا لا يتمّ عند من لا يثبت الفعليّة باستصحاب القضيّة المشروطة ، ويرى كفاية وصول الكبرى والصغرى في حكم العقل بوجوب الامتثال ، فإنّ استصحاب الحكم المعلّق على هذا الأساس لا يعالج مورد الاستصحاب الآخر ليكون حاكما عليه.
ويرد على ذلك : أنّه إنّما يتمّ لو قلنا بأنّ الفعليّة من شئون الحكم في عالم المجعول دون عالم الجعل ، كما يظهر من مدرسة الميرزا التي فرّقت بين الجعل والمجعول ، واعتبرت الفعليّة للحكم المجعول.
إلا أنّه تصوّر غير صحيح ؛ لأنّ الفعليّة والمنجّزيّة يكفي فيها وصول الكبرى والصغرى معا ، فإذا وصلتا معا وجدانا أو وجدانا وتعبّدا تحقّق موضوع المنجّزيّة وحكم العقل بوجوب الإطاعة والامتثال.
وعليه ففي مقامنا : لا يشترط في منجّزيّة الاستصحاب التعليقي أن يثبت لنا الحرمة الفعليّة ، بل يكفي أن يوصل الكبرى وهي القضيّة الشرطيّة التي مفادها : ( أنّ العنب إذا غلى حرم ).
وأمّا المنجّزيّة والفعليّة فهي تابعة لاجتماع الصغرى مع الكبرى لدى المكلّف ، وهذا متحقّق ؛ لأنّ المكلّف يعلم وجدانا بالغليان إذ المفروض أنّ هذا العنب الجافّ قد غلى فعلا ، فالصغرى واصلة إليه وجدانا ، والكبرى وهي الجعل الشرعي تثبت بالاستصحاب ، حيث إنّه يثبت الحرمة التعليقيّة على الغليان ، فإذا ضمّت الصغرى إلى الكبرى تحقّقت المنجّزيّة وحكم العقل بوجوب الامتثال.
ولذلك لا يكون الاستصحاب التعليقي ناظرا إلى مورد الاستصحاب التنجيزي ورافعا له ليكون حاكما ومقدّما عليه ؛ لأنّه لا يثبت لنا الحرمة الفعليّة لترتفع الحلّيّة الفعليّة ، وإنّما يثبت لنا القضيّة الشرطيّة من دون التعرّض للفعليّة والمنجّزيّة أصلا ، فلا نظر فيه إلى مورد الأصل الآخر.