وتقريبه : أنّ هذا الشاكّ يعلم تفصيلا أنّ الإتيان بالسورة بقصد الجزئيّة زيادة مبطلة على كلّ تقدير ، أي سواء كان الواجب في الواقع هو الأقلّ أم كان هو الأكثر.
أمّا على تقدير كون الواجب هو الأقلّ فواضح ؛ لأنّ الإتيان بالسورة بقصد الجزئيّة مبطل حتما ؛ لأنّه يكون قد أتى بما ليس بواجب ، وما ليس بجزء بهذا القصد.
وأمّا على تقدير كون الأكثر هو الواجب واقعا فكذلك يكون الإتيان بالسورة بقصد الجزئيّة مبطلا ؛ لأنّه لا يعلم بوجوب الأكثر وإنّما هو شاكّ في وجوبه ، ومع الشكّ في وجوبه يكون الإتيان بالسورة بقصد الجزئيّة تشريعا محضا وهو محرّم ؛ لأنّه ينسب إلى الشريعة ما لا يعلم أنّه منها ؛ لأنّ الفرض كونه شاكّا في وجوب الأكثر.
يبقى وجوب الإتيان بالسورة لا بقصد الجزئيّة ، وهذا الوجوب غير معلوم ، بل هو مشكوك بدوا ، فتجري فيه البراءة بلا معارض ؛ لأنّ معارضه وهو البراءة عن وجوب الإتيان بالسورة بقصد الجزئيّة على كلا التقديرين لا يجري ؛ لأنّ وجوب الإتيان بالسورة بقصد الجزئيّة معلوم كونه مبطلا ومانعا تفصيلا ، ومع العلم به كذلك لا مجال لجريان البراءة عنه.
يبقى احتمال أن تكون السورة واجبة بالوجوب الضمني ، وهذا الاحتمال باطل ؛ لأنّ كون السورة واجبة ضمنا فرع أن يكون الأمر بالمركّب متعلّقا بالأكثر ، فإنّه إذا كان متعلّقا بالأكثر كان هناك وجوب ضمني لكلّ جزء من أجزائه حتّى السورة ، إلا أنّ المفروض أنّ وجوب الأكثر مشكوك فيكون الوجوب الضمني للسورة مشكوكا فتجري فيه البراءة من دون معارض كما تقدّم.
وبهذا اتّضح أنّه ليس هناك مانع من جريان البراءة في مسألة الدوران بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء ؛ لأنّ كلّ ما ذكر من أدلّة وبراهين للمنع غير تامّة.
وبهذا ينتهي البحث عن مسألة الدوران بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء.
* * *