يأتي بالصلاة يعتقد أنّه متذكّر وأنّه يأتي بالصلاة التامّة لا الناقصة ، مع أنّ واقع الحال كونه ناسيا وأنّه يأتي بالصلاة الناقصة.
وهذا الأمر سوف يتبيّنه فيما بعد التذكّر إمّا في الوقت وإمّا في خارجه ، إلا أنّ هذا الاشتباه لا يضرّ ؛ لأنّه اشتباه في المصداق لا اشتباه في الموضوع المأمور به والمتعلّق للتكليف ، إذ متعلّق التكليف إحدى الصلاتين التامّة أو الناقصة كلّ واحدة في موردها وهو قد حقّق إحدى هاتين الصلاتين بظنّ امتثال الأخرى ، إلا أنّ ما حقّقه قد تعلّق به الأمر أيضا.
فهو من قبيل الأمر بالصلاة إمّا في المسجد أو في البيت فصلّى في البيت بظنّ أنّه المسجد ، فهذه الصلاة مأمور بها وإن اعتقد بأنّها الأفضل فتبيّن أنّها الأقلّ فضلا ، فإنّ هذا لا يضرّ ؛ لأنّه لم يكن متعلّقا للأمر ، وهذا ما يسمّى بأنّ القيد خارج ولكن التقيّد داخل أي أنّه ليس مأمورا بالقيد ، وإنّما بالتقيّد فقط والتقيّد متحقّق ؛ لأنّه أتى بالصلاة الناقصة حال كونه ناسيا (١).
وهذا الجواب أفضل ممّا ذكره عدد من المحقّقين (٢) في المقام من حلّ الإشكال وتصوير تكليف الناسي بالأقلّ بافتراض خطابين :
أحدهما متكفّل بإيجاب الأقلّ على طبيعي المكلّف ، والآخر متكفّل بإيجاب الزائد على المتذكّر.
وأجاب صاحب ( الكفاية ) عن إشكال الشيخ بنحو آخر مفاده :
__________________
(١) وهناك صياغة أخرى للجامع وذلك بأن يقال : ( إن الصلاة واجبة على طبيعي المكلّف بمقدار ما يتذكّره منها ) ، فإنّ عنوان ( ما يتذكّره ) جامع لأي مقدار من الأجزاء يأتي به ، فالناسي يتذكر الصلاة الناقصة وغير الناسي يتذكّر الصلاة التامّة.
ولا يمكن للمتذكّر لكامل الأجزاء أن يأتي بالصلاة الناقصة ؛ لأنّه يكون قد أخلّ به عمدا مع تذكّره له فيكون مخاطبا بشيء ولكنّه لم يمتثله عمدا فصلاته باطلة.
ولا يرد محذور توجيه الخطاب للناسي ؛ أنّ الخطاب متوجّه إلى عنوان المتذكّر ، والناسي متذكّر لسائر الأجزاء الأخرى أيضا فهو مكلف بها فقط ، وأمّا الجزء الذي نسيه فهو ليس مكلّفا بها لعدم دخوله في العنوان المتعلّق به التكليف أي عنوان ( ما يتذكّره ).
(٢) منهم المحقّق الخراساني في كفاية الأصول : ٤١٨ ، والمحقّق النائيني في فوائد الأصول ٤ : ٢١٤.