بيان : هذا الخبر لايستقيم إذا حمل على مدة ملكهم لعنهم الله ، لانه كان ألف شهر ، ولا على تاريخ الهجرة مع بعد ابتنائه عليه لتأخر حدوث هذا التاريخ عن زمن الرسول صلىاللهعليهوآله ، ولا على تاريخ عام الفيل لانه يزيد على أحد وستين ومائة ، مع أن أكثر نسخ الكتاب أحد وثلاثون ومائة ، وهو لايوافق عدد الحروف.
وقد اشكل علي حل هذا الخبر زمانا حتى عثرت على اختلاف ترتيب الاباجاد في كتاب عيون الحساب ، فوجدت فيه أن ترتيب ، أبجد عند المغاربة هكذا : أبجد ، هوز ، حطي ، كلمن ، صعفض ، قرست ، ثخذ ، ظغش ، فالصاد المهملة عندهم ستون ، و الضاد المعجمة تسعون ، والسين المهملة ثلاثمائة ، والظاء المعجمة ثمان مائة ، والغين المعجمة تسعمائة ، والشين المعجمة ألف ، فحينئذ يستقيم ما في أكثر النسخ من عدد المجموع ، ولعل الاشتباه في قوله : والصاد تسعون من النساخ لظنهم أنه مبني على المشهور ، وحينئذ يستقيم إذا بني على البعثة ، أو على نزول الآية كما لا يخفى على المتأمل ، والله يعلم.
٢ ـ ج : من سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبدالله عليهالسلام عن مسائل كثيرة : أن قال : كيف يعبدالله الخلق ولم يروه؟ قال عليهالسلام : رأته القلوب بنور الا يمان ، وأثبتته العقول بيقظتها إثبات العيان ، وأبصرته الابصار بمارأته من حسن التركيب وإحكام التأليف ، ثم الرسل وآياتها والكتب ومحكماتها ، واقتصرت العلماء على مارأت من عظمته دون رؤيته ، قال : أليس هو قادرا أن يظهر لهم حتى يروه ويعرفوه فيعبد على يقين؟ قال : ليس للمحال جواب ، قال : فمن أين أثبت أنبياء ورسلا؟(٢) قال عليهالسلام : إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيمالم يجزأن يشاهده خلقه ولا أن يلامسوه ولا أن يباشرهم و
__________________
(١) في نسخة : للمحيل وفى اخرى : للمحل.
(٢) أى من اين أثبت وجوب إرسال الانبياء والرسل أخرجه الكلينى قدسسره في كتاب الكافى في باب الاضطرار إلى الحجة باسناده عن على بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العباس بن عمر الفقيمى عن هشام بن الحكم ، عن أبى عبدالله عليهالسلام من قوله : « فمن أين أثبت » إلى قوله : « وجوب عدالته ».