أبا ، والابوة تقتضي ابنا فكيف تحكم باتحادهما؟ أو اتحاد الاسمين على الاحتمال الاول مع تغاير المفهومين؟ فقوله : فالاب والابن واحد استفهام على الانكار.
قوله : « وهما متساويان » حاصل الكلام أن الحكم بأن أحدهما ابن والآخر أب يقتضي فرقا بينهما حتى يحكم على أحدهما بلابوة التي هي أقوى وفيهاجهة العلية ، وعلى الآخر بالبنوة التي هي أضعف وفيها جهة المعلولية ، فإذا حكمت بأنهما متساويان من جميع الجهات لايتأتى هذا الحكم ، وأما الظلم فهو من حيث إن الابوة شرافة ، وبحكم الاتحاد يتصف الابن بابوة الاب وهذا ظلم للاب ، وكذا العكس ، والحكم بالظلم من الطرفين أيضا مبني على الاتحاد. ويحتمل أن يكون المراد غصب ماهو حق له ، سواء كان أشرف أم لا.
٢ ـ ف : من كلام موسى بن جعفر عليهالسلام مع الرشيد في خبر طويل ذكرنا منه موضع الحاجة إليه : دخل إليه وقد عمد على القبض عليه لاشياء كذبت عليه عنده ، فأخرج طوما را طويلا(١) فيه مذاهب وشنعة(٢) نسبها إلى شيعته فقرأه ثم قال له : يا أميرالمؤمنين نحن أهل بيت منينا بالتقول علينا(٣) وربنا غفور ستور ، أبى أن يكشف أسرار عباده إلا في وقت محاسبته ، يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلت سليم.
ثم قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن علي ، عن النبي صلوات الله عليهم : الرحم إذا مست الرحم اضطربت ثم سكنت ، فإن رأى أميرالمؤمنين أن تمس رحمي رحمه ويصافحني فعل. فتحول عند ذلك عن سريره ومد يمينه إلى موسى فأخذه بيمينه ثم ضمه إلى صدره فاعتنقه وأقعده عن يمينه ، وقال : أشهد أنك صادق ، وأبوك صادق ، وجدك صادق ، ورسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ صادق ، ولقد دخلت وأنا أشد الناس عليك حنقا وغضبا لمارفي إلي فيك ، (٤) فلما تكلمت بما تكلمت وصافحتني
__________________
(١) في نسخة : فأعطاه طومارا طويلا.
(٢) الشنعة بالضم : القبح.
(٣) منى بكذا : امتحن واختبربه. تقول عليه القول : ابتدعه كذبا.
(٤) حنق بفتح النون وكسره : شدة الاغتياظ. رقى إلى فيك أى وصل ورفع إلى فيك.