قد كثرت في الاسلام ، وهؤلاء الزنادقة الذين يرفعون إلينا في الاخبار(١) هم المنسوبون إليكم ، فما الزنديق عندكم أهل البيت؟ فقال عليهالسلام : الزنديق هوالراد على الله وعلى رسوله ، وهم الذين يحادون الله ورسوله ، قال الله : « لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادالله ورسوله ولو كانوا آباءهم أوأبناءهم أوإخوانهم أوعشيرتهم » إلى آخرالآية ، وهم الملحدون عدلوا عن التوحيد إلى الالحاد.
فقال هارون : أخبرني عن أول من ألحد وتزندق؟ فقال موسى عليهالسلام أول من ألحد وتزندق في السماء إبليس اللعين ، فاستكبر وافتخر على صفي الله ونجيه آدم ، فقال اللعين : « أناخير منه خلقتني من نار وخلقته من طين » فعتا(٢) عن أمر ربه و ألحد فتوارث الالحاد ذريته إلى أن تقوم الساعة. فقال : ولابليس ذرية؟ فقال : نعم ، ألم تسمع إلى قول الله : « إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا * ما أشهدتهم خلق السموات والارض ولا خلق أنفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا » لانهم يضلون ذرية آدم بزخارفهم وكذبهم ، ويشهدون أن لا إله إلا الله كما وصفهم الله في قوله تعالى : « ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله قل الحمدلله بل أكثرهم لايعلمون » أي أنهم لايقولون ذلك إلا تلقينا وتأديبا وتسمية ، ومن لم يعلم وإن شهد كان شاكا حاسدا معاندأ ، (٣) ولذلك قالت العرب : من جهل أمرا عاداه ، ومن قصر عنه عابه وألحد فيه. لانه جاهل غير عالم. وكان له مع أبي يوسف القاضي(٤) كلام طويل ليس هذا موضعه.
ثم قال الرشيد : بحق آبائك لما اختصرت كلمات جامعة لما تجاريناه ، فقال : نعم ، واتي بدواة وقرطاس فكتب :
__________________
(١) في نسخة : في الاحيان.
(٢) في نسخة : فعصى.
(٣) في نسخة : وان شهد كان شاكا جاحدا معاندا.
(٤) في نسخة : هو يعقوب بن ابراهيم بن حبيب بن خنيس بن سعد الصحابى صاحب ابى حنيفة ، وقد تقدم ترجمته في ج ٢ ص ٢٣٨ ، وتقدم في باب البدع والرأى ماجرى بينه وبين أبى الحسن موسى عليهالسلام بحضرة المهدى راجع ج ٢ ص ٢٩٠.