« إنا أنزلناه في ليلة القدر » في أي شئ انزلت؟ قال : ياسليمان ليلة القدر يقدر الله عزوجل فيها مايكون من السنة إلى النسة من حياة أوموت أو خير أو شر أو رزق ، فما قدره في تلك الليلة فهو من المحتوم.
قال سليمان : الآن قد فهمت جعلت فداك فزديي ، قال : يا سليمان إن من الامور امورا موقوفة عندالله تبارك وتعالى يقدم منها مايشاء ويؤخر مايشاء ، ياسليمان إن عليا عليهالسلام كان يقول : العلم علمان : فعلم علمه الله ملائكته ورسله فما علمه ملائكته ورسله فإنه يكون ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله ، وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، يقدم منه مايشاء ، ويؤخر مايشاء ، ويمحو مايشاء ، ويثبت مايشاء. قال سليمان للمأمون : يا أميرالمؤمنين لا انكر بعد يومي هذا البداء ولا اكذب به إن شاءالله.
فقال المأمون : يا سليمان سل أبا الحسن عما بدالك وعليك بحسن الاستماع والانصاف ، قال سليمان : ياسيدي أسألك؟ قال الرضا عليهالسلام : سل عما بدالك ، قال : ماتقول فيمن جعل الارادة اسما وصفة مثل حي وسميع وبصير وقدير؟ قال الرضا عليهالسلام : إنما قلتم : حدثت الاشياء واختلفت لانه شاء وأراد ، ولم تقولوا : حدثت واختلفت لانه سميع بصير ، فهذا دليل على أنها ليست مثل سميع ولا بصيرولا قدير ، قال سليمان : فإنه لم يزل مريدا؟ قال : ياسليمان فإرادته غيره؟ قال : نعم ، قال فقد أثبت(١) معه شيئا غيره لم يزل! قال سليمان : ما أثبت ، قال الرضا عليهالسلام : أهي محدثة؟ قال سليمان : لا ماهي محدثة ، فصاح به المأمون وقال : ياسليمان مثله يعايا(٢) أويكابر؟! عليك بالانصاف ، أماترى من حولك من أهل النظر؟
ثم قال : كلمه يا أبا الحسن فإنه متكلم خراسان ، فأعاد عليه المسألة فقال : هي محدثة يا سليمان ، فإن الشئ إذا لم يكن أزليا كان محدثا ، وإذا لم يكن محدثا كان أزليا ، قال سليمان : إرادته منه كما أن سمعه منه وبصره منه وعلمه منه؟ قال
__________________
(١) في نسخة وفى العيون : قد اثبت.
(٢) عايا صاحبه : ألقى عليه كلاما لايهتدى بوجهه.