هذه اللفظة فإنها قد جعلت مستعملة في الشريعة على المعنى الذي قدمت ، ومتى أردت حد المعنى منها قلت : حقيقة النص هوالقول المنبئ عن المقول فيه على سبيل الاظهار.
فقال القاضي : ما أحسن ما قلت! ولقد أصبت فيما أو ضحت وكشفت ، فخبرني الآن إذا كان النبي صلىاللهعليهوآله قد نص على إمامة أميرالمؤمنين عليهالسلام فقد أظهر فرض طاعته ، وإذا أظهره استحال أن يكون مخفيا ، فما بالنا لانعلمه إن كان الامر على ما ذكرت في حد النص وحقيقته؟ فقال الشيخ أيده الله : أما الاظهار من النبي صلىاللهعليهوآله فقد وقع ولم يك خافيا في حال ظهوره ، وكل من حضره فقد علمه ولم يرتب فيه ولا اشتبه عليه ، وأما سؤالك عن علة فقدك العلم به الآن وفي هذا الزمان فإن كنت لا تعلمه على ما أخبرت به عن نفسك فذلك لدخول الشبهة عليك في طريقه ، لعدولك عن وجهه النظر في الدليل المفضي بك إلى حقيقته ، ولو تأملت الحجة فيه بعين الانصاف لعلمته ، ولو كنت حاضرا في وقت إظهار النبي له صلىاللهعليهوآله لما أخللت بعلمه ، ولكن اللعة في ذهابك عن اليقين فيه وما وصفناه.
فقال : وهل يجوز أن يظهر النبي صلىاللهعليهوآله شيئا في زمانه فيخفى عمن ينشأ بعد وفاته حتى لا يعلمه إلا بنظر ثاقب واستدلال عليه؟ فقال الشيخ أيده الله تعالى : نعم يجوز ذلك ، بل لابد منه لمن غاب عن المقام في علم ما كان منه إلى النظر والاستدلال وليس يجوز أن يقع له به علم الاضطرار لانه من جملة الغائبات ، غير أن الاستدلال في هذا الباب يختلف في الغموض والظهور والصعوبة والسهولة على حسب الاسباب المعترضات في طرقه ، وربما عرى طريق ذلك من سبب فيعلم بيسير من الاستدلال على وجه يشبه الاضطرار ، (١) إلا أن طريق النص حصل فيه من الشبهات للاسباب التي اعترضته ما يتعذر معها العلم بهإلا بعد نظر ثاقب وطول زمان في الاستدلال.(٢)
فقال : فإذا كان الامر على ما وصفت فما أنكرت أن يكون النبي صلىاللهعليهوآله قد نص
__________________
(١) أى على وجه يشبه العلم الضرورى والبديهى.
(٢) وأهم الاسباب شدة إخفاء الخلفاء ومنبيدهم السلطة والقدرة ذلك ، وشدة النكير على من كان يظهره ، وخوف الناقلين منهم ، ولولا قيض الله سبحانه رجال لم تأخذهم لومة لائم لكان يجب عادة أن لا يكون من ذلك عين ولا أثر ، ويكون ذلك نسيا منسيا ، ويكون الاضطرار بخلافه.