الالتباس والتعمية والالغاز ، لانه كما يكون اللبس واقعا عند دليل الكلام على انتظامهما للجميع متى اريد بها الواحد مع عدم الفائدة لولم يرجع على الجميع كذلك يكون التلبيس حاصلا إذا اريد بها الجميع عند عدم الدليل الموجب لذلك ، وكمال الفائدة مع الاقتصار على الواحد في المراد ، ألاترى أن قائلا لوقال : ( لقيت زيدا ومعه عمر وفخاطبت زيدا وناظرته ) وأراد بذلك مناظرة الجميع لكان ملغزا معميا ، لانه لم يكن في كلامه ما يفتقر إلى عموم الكناية عنهما ، ولو جعل هذا نظير الآيات التي تقدمت لكان جاهلا بفرق ما بينها وبينه مما شرحناه ، فتعلم أنه لانسبة بين الامرين.
وشئ آخر : وهوأنه سبحانه كنى بالهاء التالية للهاء التي في السكينة عن. النبي صلىاللهعليهوآله خاصة ، فلم يجز أن يكون أراد بالاولة غير النبي صلىاللهعليهوآله ، (١) لانه لا يعقل في لسان القوم كناية عن مذكورين بلفظ واحد ، وكناية ترد فيها على النسق عن واحد من الاثنين ، وليس لذلك نظير في القرآن ولا في الاشعار ولا في شئ من الكلام فلما كانت الهاء في قوله تعالى : « وأيده بجنود لم تروها » كناية عن النبي صلىاللهعليهوآله بالاتفاق ثبت أن التي قبلها من قوله : « فأنزل الله سكينته عليه » كناية عنه صلىاللهعليهوآله خاصة ، وبان مفارقة ذلك لجميع ما تقدم ذكره من الآي والشعر الذي استشهد. والله الموفق للصواب.(٢)
٩ ـ ومن كلام الشيخ أدام الله عزه : قال له رجل من أصحاب الحديث ممن يذهب إلى مذاهب الكرابيسي : (٣) ما رأيت أجسر من الشيعة فيمايد عونه من المحال ، وذلك أنهم زعموا أن قول الله عزوجل : « إنما يريدالله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
__________________
(١) في المصدر : غير النبي صلىاللهعليهوآله خاصة.
(٢) الفصول المختارة ١ : ١٩ ـ ٢٤.
(٣) في المصدر : إلى مذهب الكرابيسى. قلت : والكرابيسى هو ابوعلى الحسين بن على بن يزيد المهلبى الكرابيسى ، كان من المجبرة ، عارفا بالحديث والفقه ، له من الكتب كتاب المدلسين في الحديث ، كتاب الامامة ، من مقالاته وفيه غمز على على عليهالسلام : القرآن بلفظى غير مخلوق ولفظى بالقرآن مخلوق ، وكان احمد بن حنبل يتكلم فيه لذلك ، وهو ايضا كان يتكلم في احمد ، له ذكر في فهرست ابن النديم : ٢٥٦ وفى لسان الميزان ٢ : ٣٠٣.