صحة إمامة أبي بكر ، وإنما الناس بين قائلين : قائل من الشيعة يقول : إن إمامة أبي بكر كانت فاسدة فلايصح القول بها أبدا ، وقائل من الناصبة يقول : إنها كانت صحيحة ، ولم يكن على أحد ريب في صوابها ، إذجهة استحقاق الامامة هوظاهر العدالة والنسب والعلم والقدرة على القيام بالامور ، ولم يكن هذه الامور ملتبسة على أحد في أبي بكر عندهم ، وعلى مايذهبون إليه فلايصح مع ذلك أن يكون المتأخر عن بيعته مصيبا أبدا ، لانه لايكون متأخر لفقد الدليل ، بل لايكون متأخرا لشبهة ، وإنما يتأخر إذا ثبت أنه تأخر للعناد ، فثبت بمابيناه أن أميرالمؤمنين عليهالسلام لم يبايع أبابكر على شئ من الوجوه كما ذكرناه وقد مناه. وقد كانت الناصبة غافلة عن هذا الاستخراج ، مع موفقتها على أن أميرالمؤمنين عليهالسلام تأخر عن البيعة وقتاما ، ولو فطنت له لسبقت بالخلاف فيه عن الاجماع ، وما أبعد أنهم سيرتكبون ذلك إذا وقفوا على هذا الكلام ، غير أن الاجماع السابق لمرتكب ذلك يحجه ويسقط قوله ، فيهون قصته ولا يحتاج معه إلى الاكثار.(١)
١١ ـ قال : وأخبرني الشيخ أيده الله قال : أبوالقاسم الكعبي : (٢) سمعت أبا الحسين الخياط(٣) يحتج في إبطال قول المرجئة في الشفاعة بقول تعالى : « أفمن حق
__________________
(١) الفصول المختارة ١ : ٣٠ ٣١.
(٢) هو عبدالله بن احمدبن محمود البلخى ابوالقاسم الكعبى ، من كبار المعتزلة ، انتهت اليه رياسة المعتزلة ، واليه تنسب الفرقة الكعبية ، قيل : ولد سنة ٢٧٣ ، وتوفى في ٣١٩ ، تتلمذ على أبى الحسين الخياط ، وانفرد عنه بمسائل منها : ان ارادة البارى تعالى ليست صفة قائمة بذاته ولا هو مريد لذاته ، ولا ارادته حادثة في محل اولا في محل ، بل اذا اطلق انه مريد فمعناه انه عالم قادر غير مكره في فعله ولا كاره ، وإذا قيل : انه مريد لافعاله فالمراد انه خالق لها على وفق علمه وإذا قيل : هومريد لافعال عباده فالمراد انه آمربها راض عنها ، وكذلك في السميع والبصير فهو سميع بمعنى انه عالم بالمسموعات وبصير بمعنى انه عالم بالمبصرات وغير ذلك ، وأورد مقالاته الشهرستانى في الملل والنحل ١ : ١٠٢ و ١٠٣. والبغدادى في الفرق بين الفرق : ١٠٨.
(٣) هو عبدالرحيم بن محمدبن عثمان أبوالحسين الخياط استاذالكعبى ، اليه تنسب الخياطية من المعتزلة وصفه ابن النديم على مافى لسان الميزان بقوله : كان رئيسا متقدما عالما بالكلام فقيها صاحب حديث واسمع الحفظ يتقدم سائر المتكلمين من اهل بغداد. له مقالات أوردها الشهرستانى في الملل ١ : ١٠٢ والبغدادى في الفرق بين الفرق : ١٠٧ ، منها ان المعدوم شئ وغالى فيه ، والجوهر جوهر في العدم ، والعرض عرض ، وكذلك جميع الاجناس والصفات ، حتى قال : السواد سواد في العدم.