١٦ ـ قال الشيخ أدام الله عزه : قال لي يوما بعض المعتزلة : لوكان ما تدعونه من هذا الفقه الذي تضيفونه إلى جعفربن محمد وأبنه عليهمالسلام(١) حقا وأنتم صادقون في الحكاية عنهم لوجب أن يقع لنا معشر مخالفيكم العلم الضروري بصحة ذلك ، حتى لانشك فيه ، كما وقع لكم صحة الحكاية عن أبي حنيفة ومالك والشافعي وداود و غيرهم من فقهاء الامصار برواية أصحابهم عنهم ، فلما لم نعلم صحة ماتدعونه مع سماعنا لاخباركم وطول مجالستنا لكم دل على أنكم متخرصون في ذلك ، وبعد فما بال كل من عددنا من فقهاء الامصار قد استفاض عنهم القول في الفتيا استفاضة منعت من الريب في مذاهبهم وأنتم أئمتكم أعظم قدرا من هؤلاء وأجل خطرا ، لاسيما مع ما تعتقدونه فيهم من العصمة وعلو المنزلة والفضل على جميع البرية ، والبينونة من الخلق بالمعجزة ، وما اختصوا به من خلافة الرسول عليه وآله السلام ، وفرض الطاعة على الجن والانس ، وإن هذا لشئ عجيب.
قال الشيخ أدام الله عزه : فقلت له : إن الجواب عن هذا السؤال قريب جدا ، غير أني اقلبه عليك فلايمكنك الا نفصال منه إلا بإخراج من ذكرت من جملة أهل العلم ونفي المعرفة عنهم ، وإسقاط مقال من رعمت أنهم كانوا من أصحاب الفتيا ، والعلم الضروري حاصل لكل من سمع الاخبار بضد ذلك وخلافه ، وأنهم عليهمالسلام كانوا من أجلة أهل الفتيا ، وذلك أننا وإن كنا كاذبين على قولك فلابد لهؤلاء القوم عليهمالسلام من مقال في الفتيا يتضمن بعض ماحكيناه عنهم ، فما بالنا معشر الشيعة بل ما بالكم معشر الناصبة لاتعلمون مذاهبهم على الحقيقة بالضرورة كما تعلمون مذاهب أهل الحجاز و أهل العراق ومن ذكرت من فقهاء الامصار؟ فإن زعمت أنك تعلم لهم في الفتيا مذهبا بخلاف مانحكيه عنهم علم اضطرار مع تديننا بكذبك في ذلك لم نجد فرقا بيننا و بينك إذا ادعينا أننا نعلم صحة مانحكيه عنهم بالاضطرار ، وأنك وأصحابك تعلمون ذلك ، ولكنكم تكابرون العيان ، وهذا مالافصل فيه.
فقال : إنما لم نعلم مذهبهم باضطرار ، لانه مبثوث في مذاهب الفقهاء ، إذا
__________________
(١) في المصدر : وآبائه وابنائه.