ومنها : أن يكون استحلافه صلوات الله عليه للمخبر بما لايتضمن حكما في الدين ، ويتضمن أدبا وموعظة ولفظة حكمة ، أومدحة لانسان ، أومذمة ، فلايجب إذا علم ذلك من غيره أن يكون فقيرا في علم الدين إليه وناقصا في العلم عن رتبته ، على أن لفظ الحديث : « ماحدثني أحد بحديث إلا استحلفته » فهذا يوجب بالضرورة أنه كان يستحلف على مايعلم ، لانه محال أن يكون كل من حدثه حدثه بمالا يعلم ، فإذا ثبت أنه قداستحلف على علم لاحد ماذكرناه أولغيره من العلل بطل ما اعتمده هذا الخصم.
وأما الحديث الثاني فطهور بطلانه أوضح من أن يخفى ، وذلك أنه قال فيه : إن شابا قال له : ليس الحكم فيه ذلك ، فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام على ما زعم الخصم : أصبت أنت وأخطأت ، وهذا واضح السقوط على مابيناه ، لانه لايخلو مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام أن يكون حكم بالخطاء مع علمه بأنه خطاء ، أويكون حكم بالخطاء وهويظر أنه صواب ، فإن كان حكم بالخطاء على أنه خطاء عند في دين الله ، (١) و ضل بإقدامه على تغيير حكم الله ، وهو صلوات الله عليه يجل عن هذه الرتبة ، ولا يعتقد مثل هذا فيه الخوارج فضلا عمن دونهم في عداوته من الناصبة ، وإن كان حكم بالخطاء وهو يظن أنه صواب فكيف زال ظنه عن ذلك فانتقل عنه بقول رجل واحد لايعضده برهان؟ فهذا مالا يتوهم على أحد من أهل الاديان ، على أنه لوكان لهذا الحديث أصل أوكان معروفا عند أحد من أهل الآثار لكان الرجل مشهورا معروفا بالعين و النسب ، مشهور القبيلة والمكان ، ولكان أيضا الحكم الذي جرى فيه هذا الامر مشهورا عندالفقهاء ومدونا عند أصحاب الاخبار ، وفي عدم معرفة الرجل وتعين الحكم و عدمه من الاصول دليل على بطلانه كما بيناه ، على أن الامة قد اتفقت عنه صلوات الله عليه أنه قال : « ضرب رسول الله صلىاللهعليهوآله بيده على صدري ، وقال : اللهم اهد قلبه ، وثبت لسانه ، فما شككت في قضاء بين اثنين » وهذا مضاد لوقوع الخطأ منه في الاحكام ، ومانع لدخول الشك عليه(٢) في شئ منها والارتباب ، وأجمعوا أن النبي
__________________
(١) في المصدر : فان كان حكم بالخطاء على علم با؟ ه خطاه عاند في دين الله.
(٢) في المصدر : ومانع من دخول السهو عليه.