لبته إلى سرته ملفوفة كأنها قضيب كافور لم يكن في بدنه شعيرات غيرها ، لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصير النزر ، كان إذا مشى مع الناس غمرهم نوره ، وكان إذا مشى كأنه ينقلع من صخر أو ينحدر من صبب ، كان مدور الكعبين ، لطيف القدمين دقيق الخصر ، (١) عمامته السحاب ، وسيفه ذوالفقار ، وبغلته دلدل ، وحماره اليعفور ، وناقته العضباء ، وفرسه لزاز ، وقضيبه الممشوق ، كان عليه الصلاة والسلام أشفق الناس على الناس ، وأرأف الناس بالناس ، كان بين كتفيه خاتم النبوة مكتوب على الخاتم سطران : أما أول سطر : فلا إله إلا الله ، وأما الثاني : فمحمد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، هذه صفته يا يهودي.
فقال اليهوديان : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله – وأنك وصي محمد حقا. فأسلما وحسن إسلامهما ولزما أميرالمؤمنين عليهالسلام فكانا معه حتى كان من أمر الجمل ما كان ، فخرجا معه إلى البصرة فقتل أحدهما في وقعة الجمل ، وبقي الآخر حتى خرج معه إلى صفين فقتل بصفين.(٢)
بيان : قوله عليهالسلام : «والقدرة تحمل كل شئ» أي ليست القدره شيئا غير الذات بها تحمل الذات الاشياء ، بل معنى حمل القدرة أن الذات سبب لوجود كل شئ و بقائه ، قوله عليهالسلام : « الموت والحياة لا يوقف عليهما » أي على وقت حدوثهما وزوالهما. قوله : « متطابقات » أي مغلقات على أهلها ، أو موافقات بعضها لبعض. قوله : « أيام العشر » أي عشر ذي الحجة ، أو العشرة بدل الهدي كما سيأتي.(٣)
أقول : تفسير سائر أجزاء الخبر مفرق في الابواب المناسبة لها.
____________________
(١) قال الجزرى في النهاية : في صفته عليهالسلام : كان صلت الجبين أى واسعة. وكان ذا مسربة ـ بضم الراء ـ : ما دق من شعر الصدر سائلا إلى الجوف. وفي حديث آخر : كان دقيق المسربة وكث اللحية ، الكثاثة في اللحية أن تكون غير دقيقة ولا طويلة وفيها كثافة. النزر : القليل التافه. الصبب : ما انحدر من الارض أو الطريق. الخصر : وسط الانسان فوق الورك. وقد تقدم تفسير بعض ألفاظ الخبر آنفا.
(٢) الخصال ٢ : ١٤٦ ـ ١٤٨.
(٣) أو تلك عشرة كاملة كما سياتي.