ولايلتفتوا فلما أحست تلك ألامم بهم وسمعوا همهمتهم استغاثوا بذى القرنين وذوالقرنين يومئذ نازل في ناحيتهم واجتمعوا إليه فقالوا : يا ذاالقرنين إنه قد بلغنا ما أتاك الله من الملك والسلطان ، وما ألبسك الله من الهيبة ، وما أيدك به من جنود أهل الارض ومن النور والظلمة وإنا جيران يأجوج ومأجوج وليس بيننا وبينهم سوى هذه الجبال ، وليس لهم إلينا طريق إلا من هذين الصدفين ، لو مالوا علينا أجلونا من بلادنا (١) لكثرتهم حتى لايكون لنا فيها قرار ، وهم خلق من خلق الله كثير ، فيهم مشابه من الانس وهم أشباه البهائم ، يأكلون العشب ويفرسون (٢) الدواب والوحوش كما تفترسها السباع ، ويأكلون حشرات الارض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله عزوجل ، وليس لله عزوجل خلق ينمونماهم وزيادتهم ولا نشك أنهم يملؤون الارض (٣) ويجلون أهلها منها ويفسدون ، ونحن نخشى كل وقت أن يطلع علينا أوائلهم من هذين الجبلين ، وقد أتاك الله من الحيلة والقوة مالم يؤت أحدا من العالمين ، فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا؟ قال : مامكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد ؛ قالوا : ومن أين لنا من الحديد والنحاس مايسع هذا العمل الذي تريد أن تعمل؟ قال : إني سأدلكم على معدن الحديد والنحاس ، فضرب لهم في جبلين حتى فتقهما واستخرج منهما معدنين من الحديد والنحاس ، قالوا : بأي قوة نقطع الحديد والنحاس؟ فاستخرج لهم معدنا آخر من تحت الارض يقال له السامور (٤) وهو أشد شئ بياضا ، (٥) وليس شئ منه يوضع على شئ إلا ذاب تحته ، فصنع لهم منه أداة يعملون بها ، وبه قطع سليمان بن داود (ع) أساطين بيت المقدس ، وصخورة جاءت به الشياطين من تلك المعادن ، فجمعوا من ذلك مااكتفوا به فأوقدوا على الحديد حتى صنعوا منه زبرا مثل الصخور ، فجعل حجارته
__________________
(١) في المصدر بعد قوله : الصدفين : ولو ينسلون اجلونا عن بلادنا اه. م
(٢) في المصدر : يأكلون من العشب ويفترسون اه. م
(٣) في المصدر : وليس مما خلق الله جل جلاله خلق ينمونماهم في العام الواحد فان كانت لهم اه.
(٤) السامور : الالماس.
(٥) في المصدر : اشد بياضا من الثلج. م