وغيرهم « قد شعفها » بالعين قال الزجاج : شعفها : ذهب بها كل مذهب من شعفات الجبال أي رؤوسها ، يقال : فلان مشعوف بكذا ، أي قد ذهب به الحب أقصى المذاهب ; و قال ابن جني : معناه : وصل حبه إلى قلبها فكان يحرقه بحدته ، وأصله من البعير (١) يهنأ بالقطران فتصل حرارة ذلك إلى قلبه. (٢)
١٨ ـ لى : محمد بن هارون الزنجاني ، عن معاذ بن المثنى العنبري ، عن عبدالله بن أسماء ، عن جويرية ، عن سفيان الثوري ، عن منصور ، عن أبى وائل ، عن وهب بن منبه قال : وجدت في بعض كتب الله عزوجل أن يوسف عليهالسلام مر في موكبه على امرأة العزيز وهي جالسة على مزبلة ، فقالت : الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا ، أصابتنا فاقة فتصدق علينا ، فقال يوسف (ع) : غموط النعم سقم دوامها ، فراجعي ما يمحص عنك دنس الخطيئة ، فإن محل الاستجابة قدس القلوب وطهارة الاعمال ، فقالت : ما اشتملت بعد على هيئة التأثم وإني لاستحيي أن يرى الله لي موقف استعطاف ولها تهريق العين عبرتها ويؤدى الحسد ندامة ، فقال لها يوسف : فجدي ، فالسبيل هدف الامكان قبل مزاحمة العدة ونفاد المدة ، فقالت : هو عقيدتي وسيبلغك إن بقيت بعدي ، فأمر لها بقنطار من ذهب فقالت : القوت بتة ، ماكنت لارجع إلى الخفض وأنا مأسورة في السخط ، فقال بعض ولد يوسف ليوسف : يا أبه من هذه التي قد تفتت لها كبدي ، ورق لها قلبي؟ قال : هذه دابة الترح في حبال الانتقام ، فتزوجها يوسف عليهالسلام فوجدها بكرا فقال : أنى وقد كان لك بعل؟! فقالت كان محصورا بفقد الحركة وصرد المجاري. (٣)
بيان : غمط النعمة : تحقيرها والبطربها وترك شكرها ، أي لما كفرت بأنعم الله وقابلتها بالمعاصي قطعها الله عنك ، فارجعي إلى ما يزيل عنك دنس الخطيئة ، أي التوبة و الندم والاستغفار وتدارك ما قد مضى حتى يرد الله نعمه عليك ، فإنه لا يستجاب الدعاء بالمغفرة أو برجوع النعمة إلا بعد قدس القلوب من دنس الخطايا وآثارها ، وطهارة الاعمال
__________________
(١) أى أصله من شعف البعير. قلت : هنأ الابل أى طلاها بالهناء أى القطران.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٢٢٨. م
(٣) امالى الصدوق : ٤. م