آيات «فاسقين» أي خارجين عن طاعة الله إلى أقبح وجوه الكفر « مبصرة » أي واضحة بينة « واستيقنتها أنفسهم » أي عرفوها وعلموها يقينا بقلوبهم « ظلما » على بني إسرائيل ، أو على أنفسهم « وعلوا » أي طلبا للعلو والرفعة ، وتكبرا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى.(١)
« إلا سحر مفترى » أي مختلق لم يبن على أصل صحيح « وما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين » إنما قالوا ذلك مع اشتهار قصة نوح وهود وصالح وغيرهم ممن دعوا إلى توحيد الله إما للفترة والزمان الطويل أو لان آباءهم ما صدقوا بشئ من ذلك « ربي أعلم » أي ربي يعلم أني جئت بهذه الآيات الدالة على الهدى من عنده فهو شاهد لي على ذلك إن كذبتموني ويعلم أن العاقبة الحميدة لنا ولاهل الحق « فأوقد لي يا هامان » أي فأجج النار على الطين واتخذ الآجر ، وقيل : إنه أول من اتخذ الآجر وبنى به « فاجعل لي صرحا » أي قصرا وبناءا عاليا « لعلي أطلع إلى إله موسى » أي أصعد إليه وأشرف عليه ، وأقف على حاله ، وهذا تلبيس منه وإيهام على العوام أن الذي يدعو إليه موسى يجري مجراه في الحاجة إلى المكان والجهة « وإني لاظنه من الكاذبين » في ادعائه إلها غيري وأنه رسول « إلينا لا يرجعون » أي أنكروا البعث « في اليم » أي النيل أو بحر من وراء مصر يقال له إساف « وجعلناهم أئمة » أي حكمنا بأنهم كذلك « وأتبعناهم » أي أردفناهم لعنة بعد لعنة ، وهي البعد عن الرحمة والخيرات ، أو ألزمناهم اللعنة بأن أمرنا المؤمنين بلعنهم « من المقبوحين » أي من المهلكين ، أو من المشوهين في الخلقة بسواد الوجوه وزرقة الاعين.(٢)
« قالوا سحران » قال البيضاوي : يعنون موسى وهارون ، أو موسى ومحمد صلى الله عليه وآله بتقدير مضاف ، أو جعلهما سحرين مبالغة » تظاهرا » (٣) تعاونا بإظهار تلك الخوارق أو
_________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٢١١ ـ ٢١٣. م
(٢) مجمع البيان ٧ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥. م
(٣) قال السيد الرضى قدسسره : أى تعاونا ( يعنى موسى ونبينا صم ) من طريق الاشتباه والتماثل ، وكان الثانى مصدقا للاول والمتأخر مقويا للمتقدم.