اخفيها : اظهرها ، ودخلت « أكاد » تأكيدا ، أي أوشك أن اقيمها « بما تسعى » أي بما تعمل من خير وشر » فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها « أي لا يصرفنك عن الصلاة من لا يؤمن بالساعة ، أو لا يمنعنك عن الايمان بالساعة من لا يؤمن بها » ؛ وقيل : عن العبادة ودعاء الناس إليها ، وقيل : عن هذه الخصال « واتبع هواه » الهوى : ميل النفس إلى الشئ « فتردى » أي فتهلك.(١)
« وما تلك بيمينك » سأله عما في يده من العصا « أتوكؤ عليها » أي أعتمد عليها إذا مشيت « وأهش بها على غنمي » أي وأخبط(٢) بها ورق الشجر لترعاه غنمي « ولي فيها مآرب اخرى » أي حاجات اخر ، قال ابن عباس : كان يحمل عليها زاده ، ويركزها فيخرج منها الماء ، ويضرب بها الارض فيخرج ما يأكل ، وكان يطرد بها السباع ، وإذا ظهر عدو حاربت ، وإذا أراد الاستقاء من بئر طالت وصارت شعبتاها كالدلو ، وكان يظهر عليها كالشمعة فيضئ له الليل ، وكانت تحرسه وتؤنسه ، وإذا طالت شجرة حناها(٣) بمحجنها « فإذا هي حية تسعى » أي تمشي بسرعة ، وقيل : صارت حية صفراء لها عرف كعرف الفرس ، وجعلت تتورم حتى صارت ثعبانا وهي أكبر الحيات ، عن ابن عباس ، وقيل : إنه ألقاها فحانت منه نظرة فإذا هي بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون ، يمر بالصخرة مثل الخلفة(٤) من الابل فيلقمها ، ويطعن أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها ، وعيناه تتوقدان نارا ، وقد عاد المحجن عنقا فيه شعر مثل النيازك ، فلما عاين ذلك ولى مدبرا ولم يعقب ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ثم نودي : « يا موسى » ارجع إلى حيث كنت ، فرجع وهو شديد الخوف « قال خذها » بيمينك « ولا تخف سنعيدها سيرتها الاولى » أي إلى الحالة الاولى عصا ، وعلى موسى يومئذ مدرعة من صوف قد خلها بخلال ، فلما أمره سبحانه بأخذها أدلى طرف المدرعة على يده فقال : مالك يا موسى؟ أرأيت لو أذن الله بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئا؟ قال : لا ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت ، وكشف عن
_________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٥ ـ ٦. م
(٢) خبط الشجرة : شدها ثم نفض ورقها.
(٣) أى عطفها. والمحجن : العصا المنعطفة الرأس ، أو كل معطوف الرأس على الاطلاق.
(٤) الخلفة بكسر اللام : الحامل من النوق. منه رحمهالله.