إلى خمسمائة غلام وخمسمائة جارية فألبست الجواري الاقبية والمناطق (١) وألبست الغلمان في سواعدهم أساور من ذهب ، وفي أعناقهم أطواقا من ذهب ، وفي آذانهم أقراطا وشنوفا (٢) مرصعات بأنواع الجواهر ، وحملت الجواري على خمسمائة رمكة والغلمان على خمسمائة برذون ، (٣) على كل فرس لجام من ذهب مرصع بالجواهر ، وبعثت إليه خمسمائة لبنة من ذهب وخمسمائة لبنة من فضة ، وتاجا مكللا بالدر والياقوت المرتفع ، وعمدت إلى حقة فجعلت فيها درة يتيمة غير مثقوبة وخرزة جزعية مثقوبة معوجة الثقب ، ودعت رجلا من أشراف قومها اسمه المنذر بن عمرو وضمت إليه رجالا من قومها أصحاب رأي وعقل ، وكتبت إليه كتابا بنسخة الهدية ، قالت فيها : إن كنت نبيا فميز بين الوصفاء والوصائف ، وأخبر بما في الحقة قبل أن تفتحها ، واثقب الدرة ثقبا مستويا ، و أدخل الخرزة خيطا من غير علاج إنس ولا جن ، وقالت للرسول : انظر إليه إذا دخلت عليه فإن نظر إليك نظر غضب فاعلم أنه ملك ، فلا يهولنك أمره ، فأنا أعز منه ، وإن نظر إليك نظر لطف فاعلم أنه نبي مرسل.
فانطلق الرسول بالهدايا وأقبل الهدهد مسرعا إلى سليمان فأخبره الخبر ، فأمر سليمان الجن أن يضربوا لبنات الذهب ولبنات الفضة ففعلوا ، ثم أمرهم أن يبسطوا من موضعه الذي هو فيه إلى بضع فراسخ ميدانا واحدا بلبنات الذهب والفضة ، وأن يجعلوا حول الميدان حائطا شرفها من الذهب والفضة ففعلوا ، ثم قال للجن : علي بأولادكم فاجتمع خلق كثير فأقامهم عن يمين الميدان ويساره ، ثم قعد سليمان عليهالسلام في مجلسه على سريره ، ووضع له أربعة آلاف كرسي عن يمينه ومثلها عن يساره ، وأمر الشياطين أن يصطفوا صفوفا فراسخ ، وأمر الانس فاصطفوا فراسخ ، وأمر الوحش والسباع والهوام والطير فاصطفوا فراسخ عن يمينه ويساره ، فلما دنا القوم من الميدان ونظروا إلى ملك سليمان تقاصرت إليهم أنفسهم ، (٤) ورموا بما معهم من الهدايا ، فلما وقفوا بين يدي
__________________
(١) الاقبية جمع القباء. والمناطق جمع المنطقة : ما يشد به الانسان وسطه ، يقال بالفارسية : كمربند
(٢) أقراط : جمع القرط وهو مايعلق في شحمة الاذن من درة ونحوها ، يقال بالفارسية ، كوشواره وشنوف جمع الشنف : حلى الاذن أيضا ، وقيل : مايعلق في أعلاها.
(٣) الرمكة : الفرس تتخذ للنسل. والبرذون : دابة الحمل الثقيلة.
(٤) تقاصرت نفسه : تضاءلت وصغرت.