كالتوجه إلى الله وإلى الدنيا ، والتوكل على الله وعلى غيره ، ويحتمل أن يكون ذكر اللسان والقلب تمهيدا لبيان الاخير ، أي كما لايمكن أن يكون في فم لسانان وفي صدر قلبان فكذلك لايجوز أن يكون في ذهن واحد أمران متضادان يصيران منشأين لامور مختلفة متباينة : قوله تعالى : ( لاتستيقظن عاصيا ) أي لاتنبه غيرك والحال أنك عاص ، بل ابدأ بإصلاح نفسك قبل إصلاح غيرك ، وكذا الفقرة الثانية ، ويشكل بأن الاستيقاظ لم يرد متعديا ، (١) فيحتمل أن يكون المراد : لايكن تيقظك تيقظا ناقصا مخلوطا بالعصيان أو لا يكن تيقظك عند الموت بعد العصيان ، فتكون الفقرة الثانية تأسيسا وهو أولى من التأكيد. قوله : ( مؤديتك إلي ) أي تردك إلي بالموت ، وأعاقبك بما عملت من معاصيك.
قوله : ( في جنبي ) أي في قربي أو طاعتي. قوله تعالى : ( وأفض ) من الافضاء بمعنى الايصال ، أو من الافاضة بمعنى الاندفاع والاسراع في السير ، أي أقبل إلي بسبب حسناتك أو معها.
قوله تعالى : ( بالرجوع إلي ) أي بسبب أن مرجعك إلي. قوله : ( بكلامي ) أي بلفظ « كن » من غير والد. قوله : ( ونظيرك يحيى ) أي في الزهد والعبادة وسائر الكمالات ، أو في الولادة فإنه من حيث تولده من شيخ كبير يئس من الولد فكأنه أيضا خلق من غير والد. قوله : ( من غير قوة بها ) أي كانت يائسة لا تستعد بحسب القوى البشرية عادة لتولده منها.
قوله : ( قد ألح ) في الكافي ( قد تذابح ) قال الفيروزآبادي : تذابحوا : ذبح بعضهم بعضا. قوله : ( ابغني عند وسادك ) أي اطلبني ، وتقرب إلي عندما تتكئ على وسادك للنوم بذكري تجدني لك حافظا في نومك ، أو قريبا منك مجيبا في تلك الحال أيضا ، أو اطلبني بالعبادة عند إرادة التوسد أو في الوقت الذي يتوسد فيه الناس تجدني مفيضا عليك مترحما. قوله : ( أذكرك في نفسي ) أي أفيض عليك من رحماتي الخاصة من غير أن يطلع عليها غيري. قوله : ( عن ذكر الخناء ) أي الفحش في القول. والاخدان جمع الخدن بالكسر وهو الصديق. قوله تعالى : ( الحكمة تبكي ) إسناد البكاء إلى الحكمة مجازي
__________________
(١) نعم يوجد ذلك في المنجد حيث قال : استيقظه : طلب يقظته. نبهه من النوم.