من العلماء ما جهل ، وعلم الجاهل مما علم ، طوبى لمن عظم العلماء لعلمهم وترك منازعتهم وصغر الجهال لجهلهم ، ولا يطردهم ولكن يقربهم ويعلمهم.
بحق أقول لكم : يا معشر الحواريين إنكم اليوم في الناس كالاحياء من الموتى فلا تموتوا بموت الاحياء.
وقال المسيح : يقول الله تبارك وتعالى : يحزن عبدي المؤمن أن أصرف عنه الدنيا وذلك أحب مايكون إلي وأقرب ما يكون مني ، ويفرح أن أوسع عليه في الدنيا و ذلك أبغض مايكون إلي وأبعد مايكون مني. والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما. (١)
بيان : قوله : ( فضول ) أي فضل علم وكمال. وقوله : ( إن قلوبكم بحيث تكون كنوزكم ) أي قلب كل أحد يكون دائما متعلقا بكنزه الذي يدخره ، فإن كان كنزكم الاعمال الصالحة التي تكنزونها في السماء تكون قلوبكم سماوية ، والغرض أن تعلق القلب بكنوز الدنيا وزخارفها لا يجتمع مع حبه تعالى. قوله : ( يطرفون ) أي ينظرون ورمقته أرمقه أي نظرت إليه. قوله : ( أو يقحل ) بالقاف والحاء المهملة ، أي ييبس. و تفل كفرح : تغيرت رائحته. قوله : ( أمل الوارثين ) أي الذين يرثون الفردوس. قوله : ( ومن سخر ) على بناء المجهول من باب التفعيل ، والتسخير هو التكليف والحمل على العمل بغير أجرة. قوله : ( والجاهل يعتبر ) لعله على بناء المجهول ، ويحتمل المعلوم أيضا ، أي بعد ما يتبع هواه ويجد سوء عاقبته يعتبر به. وقال الجزري : فيه : تحرجوا أن يأكلوا معهم ، أي ضيقوا على أنفسهم ، وتحرج فلان : إذا فعل فعلا يخرج به من الحرج أي الاثم والضيق.
أقول : قال السيد ابن طاوس رحمه الله في سعد السعود : قرأت في الانجيل : قال عيسى عليهالسلام : سمعتم ماقيل للاولين لاتزنوا ، وأنا أقول لكم : إن من نظر إلى امرأة فشتهاها فقد فقد زنى بها في قلبه. إن خانتك عينك اليمنى فاقلعها وألقها عنك ، لانه خير
__________________
(١) تحف العقول : ٥٠١ ٥١٣.