الثالث : أن دخولهم عليه كان فتنة لداود إلا أنه عليهالسلام استغفر لذلك الداخل العازم على قتله ، وقوله : « فغفرنا له ذلك » أي لاحترام داود عليهالسلام وتعظيمه انتهى. (١)
وقال البيضاوي : أقصى مافي هذه الاشعار بأنه عليهالسلام ود أن يكون له ما لغيره وكان له أمثاله ، فنبهه الله بهذه القضية فاستغفر وأناب عنه. انتهى. (٢)
أقول : لما ثبت بما قدمنا عصمتهم عليهمالسلام عن جميع الذنوب (٣) لابد من رد ما يدل على صدور ذنب عنه عليهالسلام في ذلك ، وأما الوجوه التي يمكن حملها على ترك الاولى والافضل كأكثر الوجوه السالفة فهي محتملة ، ولايمكن القطع بها إلا بعد ثبوتها ، وقد عرفت مايظهر من الاخبار والله يعلم حقيقة الحال. (٤)
__________________
(١) مفاتيح الغيب ٧ : ١٣٧.
(٢) أنوار التنزيل ٢ : ٣٤٣.
(٣) راجع ١١ : ٧٢ ٩٦.
(٤) وقد ذكر هذه الوجوه الشريف المرتضى رضوان الله تعالى عليه في كتاب تنزيه الانبياء ص ٩١ ممن جوز على الانبياء الصغائر ثم عقبها بقوله : وكل هذه الوجوه لايجوز على الانبياء عليهم السلام ، لان فيها ماهو معصية وقد بينا أن المعاصي لا تجوز عليهم ، وفيها ما هو منفر وان لم يكن معصية مثل أن يخطب امرأة قد خطبها رجل من أصحابه فتقدم عليه وتزوجها ، وأما الاشتغال عن النوافل فلا يجوز أن يقع عليه عتاب لانه ليس بمعصية ولا هو ايضا منفر ، فاما من زعم أنه عرض اوريا للقتل وقدمه أمام التابوت عمدا حتى يقتل فقوله أوضح فسادا من أن يتشاغل برده ، وقد روى عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : لا اوتى برجل يزعم أن داود عليهالسلام تزوج بامرأة اوريا إلا جلدته حدين : حد النبوة وحد الاسلام انتهى. وذكر في معنى الاية ماذكره الطبرسي وبعض ما ذكره الرازي أخيرا. قلت : قوله في الاشتغال بالنوافل : فلا يجوز أن يقع عليه عتاب ، قلت : هو كذلك في أفراد الامة ، وأما بالنسبة إلى الانبياء والصديقين والابرار فهم ربما بعاتبون على ترك الاولى وفعل ما كان تركه الاولى ، وعلى أي فأصح الوجوه ماتقدم عن الرضا عليهالسلام في الخبر الثاني.