« وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه » قيل : إنه يعني بذلك عامتهم ، لان علماءهم علموا أنه غير مقتول ، عن الجبائي ، وقيل : أراد بذلك جماعتهم اختلفوا (١) فقال بعضهم : قتلناه ، وقال بعضهم : لم نقتله « مالهم به من علم إلا اتباع الظن » أي لم يكن لهم بمن قتلوه علم ، لكنهم اتبعوا ظنهم ، فقتلوه ظنا منهم أنه عيسى ولم يكن به وإنما شكوا في ذلك لانهم عرفوا عدة من في البيت ، فلما دخلوا عليهم وفقدوا واحدا منهم التبس عليهم أمر عيسى وقتلوا من قتلوه على شك منهم في أمر عيسى ، هذا على قول من قال : لم يتفرق أصحابه حتى دخل عليهم اليهود ، وأما من قال : تفرق أصحابه عنه فإنه يقول : كان اختلافهم في أن عيسى عليهالسلام هل كان فيمن بقي أو فيمن خرج اشتبه الامر عليهم.
وقال الحسن : معناه : اختلفوا في عيسى عليهالسلام فقالوا مرة : هو عبدالله ، ومرة هو ابن الله ، ومرة هو الله. وقال الزجاج : معنى اختلاف النصارى فيه أن منهم من ادعى أنه إله لم يقتل ، ومنهم من قال : قتل.
« وما قتلوه يقينا » اختلف في الهاء في « قتلوه » فقيل : إنه يعود إلى الظن ، أي ماقتلوا ظنهم يقينا ، كما يقال : قتلته علما ، (٢) عن ابن عباس وجويبر ، ومعناه : ما قتلوا ظنهم الذي اتبعوه في المقتول الذي قتلوه ، وهم يحسبونه عيسى يقينا أنه عيسى ولا أنه غيره ، لكنهم كانوا منه على شبهة ، وقيل : إن الهاء عائد إلى عيسى عليهالسلام يعني ماقتلوه يقينا ، أي حقا ، فهو من تأكيد الخبر ، عن الحسن ، أراد أن الله سبحانه نفى عن عيسى القتل على وجه التحقيق واليقين « بل رفعه الله إليه » يعني بل رفع الله عيسى إليه ، ولم يصلبوه ولم يقتلوه « وكان الله عزيزا حكيما » معناه : لم يزل الله منتقما من أعدائه ، حكيما في أفعاله وتقديراته ، فاحذروا أيها السائلون محمدا أن ينزل عليكم كتابا من السماء حلول عقوبة بكم ، كما حل بأوائلكم في تكذيبهم رسله ، عن ابن عباس وما مر في تفسير هذه الآية من أن الله ألقى شبه عيسى عليهالسلام على غيره فإن ذلك من
__________________
(١) في المصدر : جماعة اختلفوا. وهو الصواب.
(٢) في المصدر : ماقتلته علما.