كلهم على صورة عيسى ، فقالوا لهم : سحرتمونا؟ لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا ، فقال عيسى عليهالسلام لاصحابه : من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة؟ فقال رجل منهم اسمه سرجس : (١) أنا ، فخرج إليهم ، فقال : أنا عيسى ، فأخذوه وقتلوه وصلبوه ، ورفع الله عيسى من يومه ذلك ، وبه قال قتادة ومجاهد وابن إسحاق ، وإن اختلفوا في عدد الحواريين ولم يذكر أحد غير وهب أن شبهه ألقي على جميعهم ، بل قالوا : ألقي شبههه على واحد ورفع الله عيسى من بينهم. قال الطبري : وقول وهب أقوى ، لانه لو ألقي شبهه على واحد منهم مع قول عيسى : « أيكم يلقى عليه شبهي فله الجنة » ثم رأوا عيسى رفع من بينهم لما اشتبه عليهم ولما اختلفوا ، وإن جاز أن يشتبه على أعدائهم من اليهود الذين ماعرفوه ، لكن ألقي شبهه على جميعهم وكانوا يرون كل واحد منهم بصورة عيسى ، فلما قتل أحدهم اشتبه الحال عليهم.
وقال أبوعلي الجبائي : إن رؤساء اليهود أخذوا إنسانا فقتلوه وصلبوه على موضع عال ، ولم يمكنوا أحدا من الدنو إليه فتغيرت حليته ، وقالوا : قد قتلنا عيسى ، ليوهموا بذلك على عوامهم لانهم كانوا أحاطوا بالبيت الذي فيه عيسى فلما دخلوه كان عيسى قد رفع من بينهم ، فخافوا أن يكون ذلك سببا لايمان اليهود به ففعلوا ذلك ، والذين اختلفوا فيه هم غير الذين صلبوا من صلبوه ، (٢) وإنما هم باقي اليهود ، وقيل : إن الذي دلهم عليه وقال : هذا عيسى أحد الحواريين ، أخذ على ذلك ثلاثين درهما وكان منافقا ، ثم إنه ندم على ذلك واختنق حتى قتل نفسه ، وكان اسمه بورس زكريا نوطا ، (٣) وهو ملعون في النصارى ، وبعض النصارى يقول : إن بورس زكريا نوطا هو الذي شبه لهم فصلبوه وهو يقول : لست بصاحبكم ، أنا الذي دللتكم عليه ، وقيل : إنهم حبسوا المسيح مع عشرة من أصحابه في بيت فدخل عليهم رجل من اليهود فألقى الله عليه شبه عيسى ورفع عيسى فقتلوا الرجل ، عن السدي.
__________________
(١) في الكامل : اسمه يوشع.
(٢) في المصدر : غير الذين صلبوه.
(٣) في المصدر : بودس زكريا بوطا ، وكذا فيما بعده ، ولعله هو الذي يسميه النصارى يهودا اسخر يوطى.