بيان : قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : « وبكفرهم » : أي بجحود هؤلاء بعيسى « وقولهم على مريم بهتانا عظيما » أي أعظم كذب وأشنعه ، وهو رميهم إياها بالفاحشة ، عن ابن عباس والسدي ، قال الكلبي : مر عيسى عليهالسلام برهط فقال بعضهم لبعض : قد جاءكم الساحر ابن الساحرة ، والفاعل ابن الفاعلة! فقذفوه بأمه ، فسمع ذلك عيسى عليهالسلام فقال : « اللهم أنت ربي خلقتني ولم أتهم من تلقاء نفسي ، اللهم العن من سبني وسب والدتي » فاستجاب الله دعوته فمسخهم خنازير « وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله » يعني وقول اليهود إنا قتلنا عيسى بن مريم رسول الله حكاه الله سبحانه عنهم ، أي رسول الله في زعمه ، وقيل : إنه من قول الله سبحانه لا على وجه الحكاية لهم ، وتقديره : الذي هو رسولي « وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم » اختلفوا في كيفية التشبيه ، فروي عن ابن عباس أنه قال : لما مسخ الله الذين سبوا عيسى وأمه بدعائه بلغ ذلك يهودا وهو رأس اليهود فخاف أن يدعو عليه ، فجمع اليهود واتفقوا على قتله ، فبعث الله جبرئل يمنعه منهم ويعينه عليهم ، وذلك معنى قوله : « وأيدناه بروح القدس » فاجتمع اليهود حول عيسى عليهالسلام فجعلوا يسألونه فيقول لهم : يامعشر اليهود إن الله تعالى يبغضكم ، فثاروا إليه (١) ليقتلوه ، فأدخله جبرئيل (ع) خوخة البيت (٢) الداخل لها روزنة في سفقها فرفعه جبرئيل إلى السماء ، فبعث يهودا رأس اليهود رجلا من أصحابه اسمه ططيانوس (٣) ليدخل عليه الخوخة فيقتله فدخل فلم يره فأبطأ عليهم فظنوا أنه يقاتله في الخوخة ، فألقى الله عليه شبه عيسى (ع) ، فلما خرج على أصحابه قتلوه وصلبوه ، وقيل : ألقي عليه شبه وجه عيسى ولم يلق عليه شبه جسده ، فقال بعض القوم : إن الوجه وجه عيسى والجسد جسد ططيانوس ، وقال بعضهم : إن كان هذا ططيانوس فأين عيسى؟ وإن كان هذا عيسى فأين ططيانوس؟ فاشتبه الامر عليهم ، وقال وهب بن منبه : أتى عيسى (ع) ومعه سبعة عشر من الحواريين (٤) في بيت ، فأحاطوا بهم فلما دخلوا عليهم صيرهم الله
__________________
(١) في المطبوع « فشاروا إليه » وهو وهم. وفي المصدر : فساروا إليه.
(٢) في المصدر : في خوخة البيت.
(٣) في المصدر : طيطانوس ، وكذا فيما يأتي بعده. وفي الكامل : نطليانوس.
(٤) في المصدر : ومعه سبعة من الحواريين.