وفي خبر ( آخر )؟ : ارفع عنه العذاب بقية أيام الدنيا لرقته على قرابته ، ثم قال أبوعبدالله (ع) : إن النبي (ص) يقول : ما ينبغي لاحد أن يقول : أنا خير من يونس ابن متى عليهالسلام.
بيان : لعل المعنى على تقدير صحة الخبر أنه لا ينبغي أن يقول أحد : أنا خير من يونس من حيث المعراج ، بأن يظن أني صرت من حيث العروج إلى السماء أقرب إلى الله تعالى منه ، فإن نسبته تعالى إلى السماء والارض والبحار نسبة واحدة ، وإنما أراني الله تعالى عجائب خلقه في السماوات وأرى يونس عجائب خلقه في البحار ، وإني عبدت الله في السماء وهو عبدالله في ظلمات البحار ، ولكن التفضيل من جهات أخر. (١)
١٢ ـ شى : عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر (ع) قال : سمعته يقول : وجدنا في بعض كتب أمير المؤمنين (ع) قال : حدثني رسول الله (ص) أن جبرئيل عليهالسلام حدثه أن يونس بن متى عليهالسلام بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلاثين سنة ، وكان رجلا يعتريه الحدة ، (٢) وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم ، عاجزا عما حمل من ثقل حمل أوقار النبوة وأعلامها ، وأنه يفسخ تحتها (٣) كما يفسخ الجذع تحت حمله ، وأنه أقام فيهم يدعوهم إلى الايمان بالله والتصديق به واتباعه ثلاثا وثلاثين سنة ، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه إلا رجلان : اسم أحدهما روبيل واسم الآخر تنوخا ، (٤) وكان روبيل من أهل بيت العلم والنبوة والحكمة ، وكان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه الله بالنبوة ، وكان تنوخا رجلا مستضعفا عابدا زاهدا منهمكا في العبادة (٥) وليس له
__________________
(١) ولعل المعنى أن أحدا لايغتر بنفسه حيث لم يصدر عنه ذنب ، أو يسمع قصة يونس عليه السلام وغضبه حين رأى أن قومه نجا من العذاب فيقول : أنا خير من يونس! لان ترك العصيان و الطاعة لايكونان الا بعصمة الله وتوفيقه.
(٢) أي يصيبه البأس والغضب.
(٣) كناية عن ضعف العزم وعدم التحمل فيما يعرض له.
(٤) تقدم في خبر جميل أن اسمه مليخا.
(٥) انهمك في الامر : جد فيه ولج.