أتأناهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك ، وتقديري وتدبيري غير علمك وتقديرك ، وأنت المرسل وأنا الرب الحكيم ، وعلمي فيهم يايونس باطن في الغيب عندي لا تعلم مامنتهاه ، وعلمك فيهم ظاهر لا باطن له ، يايونس قد أجبتك إلى ما سألت من إنزال العذاب عليهم وما ذلك يايونس بأوفر لحظك عندي ، ولا أجمل لشأنك ، (١) وسيأتيهم عذاب في شوال يوم الاربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس ، فأعلمهم ذلك.
قال : فسر بذلك يونس ولم يسؤه ولم يدر ما عاقبته ، فانطلق يونس إلى تنوخا العابد فأخبره بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم ، وقال له : انطلق حتى أعلمهم بما أوحى الله إلي من نزول العذاب ، فقال تنوخا : فدعهم في غمرتهم ومعصيتهم حتى يعذبهم الله ، فقال له يونس : بل نلقي روبيل فنشاوره فإنه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة ، فانطلقا إلى روبيل فأخبره يونس عليهالسلام بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الاربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس ، فقال له : ماترى انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك ، فقال له روبيل : ارجع إلى ربك رجعة نبي حكيم ورسول كريم ، وسله أن يصرف عنهم العذاب فإنه غني عن عذابهم ، وهو يحب الرفق بعباده وما ذلك بأضر لك عنده ، ولا أسوأ لمنزلتك لديه ، ولعل قومك بعد ماسمعت ورأيت من كفرهم وجحودهم يؤمنون يوما فصابرهم وتأنهم ، فقال له تنوخا : ويحك يا روبيل ما أشرت (٢) على يونس وأمرته بعد كفرهم بالله ، وجحدهم لنبيه ، وتكذيبهم إياه وإخراجهم إياه من مساكنه ، وما هموا به من رجمه؟ فقال روبيل لتنوخا : اسكت فإنك رجل عابد لا علم لك.
ثم أقبل على يونس فقال : أرأيت يايونس إذا أنزل الله العذاب على قومك أنزله (٣) فيهلكهم جميعا أو يهلك بعضا ويبقى بعض؟ فقال له يونس : بل يهلكهم جميعا ، وكذلك سألته ، مادخلتني لهم رحمة تعطف فأراجع الله فيهم وأسأله أن يصرف عنهم ، فقال له روبيل :
__________________
(١) في البرهان : بأوفر سخطك عندي ولا أحمد لشأنك.
(٢) في البرهان : على ما أشرت.
(٣) في البرهان : أينزله.