أتدري يا يونس لعل الله إذا أنزل عليهم العذاب فأحسوا به أن يتوبوا إليه ويستغفروا فيرحمهم فإنه أرحم الراحمين ، ويكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله أنه ينزل عليهم العذاب يوم الاربعاء فتكون بذلك عندهم كذابا ، فقال له تنوخا : ويحك ياروبيل لقد قلت عظيما ، يخبرك النبي المرسل أن الله أوحى إليه أن العذاب ينزل عليهم فترد قول الله وتشك فيه وفي قول رسول الله اذهب فقد حبط عملك ، فقال روبيل لتنوخا : لقد فشل رأيك.
ثم أقبل على يونس فقال : إذا نزل الوحي والامر من الله فيهم على ما أنزل عليك فيهم من إنزال العذاب عليهم وقوله الحق أرأيت إذا كان ذلك فهلك قومك كلهم وخربت قريتهم أليس يمحو الله اسمك من النبوة ، وتبطل رسالتك ، وتكون كبعض ضعفاء الناس ويهلك على يديك مائة ألف من الناس؟ (١) فأبى يونس أن يقبل وصيته فانطلق ومعه تنوخا من القرية وتنحيا عنهم غير بعيد ، ورجع يونس إلى قومه فأخبرهم أن الله أوحى إليه أنه ينزل العذاب (٢) عليكم يوم الاربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس ، فردوا عليه قوله فكذبوه وأخرجوه من قريتهم إخراجا عنيفا ، فخرج يونس (ع) ومعه تنوخا من القرية وتنحيا عنهم غير بعيد ، وأقاما ينتظران العذاب ، وأقام روبيل مع قومه في قريتهم حتى إذا دخل عليهم شوال صرخ روبيل بأعلى صوته في رأس الجبل إلى القوم : أنا روبيل ، شفيق عليكم ، رحيم بكم ، هذا شوال قد دخل عليكم ، وقد أخبركم يونس نبيكم ورسول ربكم أن الله أوحى إليه أن العذاب ينزل عليكم في شوال في وسط الشهر يوم الاربعاء بعد طلوع الشمس ، ولن يخلف الله وعده رسله ، فانظروا ما أنتم صانعون ، فأفزعهم كلامه ووقع في قلوبهم تحقيق نزول العذاب فأجفلوا نحو روبيل وقالوا له : ماذا أنت تشير به علينا (٣) يا روبيل؟ فإنك رجل عالم حكيم ، لم نزل نعرفك بالرقة علينا (٤) والرحمة لنا ، وقد بلغنا ما أشرت به على يونس فينا فمرنا
__________________
(١) في البرهان : مائة ألف أو يزيدون من الناس.
(٢) في البرهان : أوحى اليه أني منزل عليكم العذاب.
(٣) في البرهان : ماذا أنت مشير به علينا.
(٤) في البرهان : بالرأفة علينا.