بأمرك ، وأشر علينا برأيك ، فقال لهم روبيل : فإني أرى لكم وأشير عليكم أن تنظروا وتعمدوا إذا طلع الفجر يوم الاربعاء في وسط الشهر أن تعدلوا الاطفال (١) عن الامهات في أسفل الجبل في طريق الاودية ، وتقفوا النساء في سفح الجبل ، (٢) و يكون هذا كله قبل طلوع الشمس ، فإذا رأيتم ريحا صفراء أقبلت من المشرق فعجوا (٣) الكبير منكم والصغير بالصراخ والبكاء ، والتضرع إلى الله ، والتوبة إليه والاستغفار له وارفعوا رؤوسكم إلى السماء وقولوا : ربنا ظلمنا وكذبنا نبيك ، وتبنا إليك من ذنوبنا ، وإن لا تغفر لنا (٤) وترحمنا لنكونن من الخاسرين المعذبين ، فاقبل توبتنا وارحمنا يا أرحم الراحمين ، ثم لاتملوا من البكاء والصراخ والتضرع إلى الله والتوبة إليه حتى تتوارى الشمس بالحجاب ، أو يكشف الله عنكم العذاب قبل ذلك ، فأجمع رأي القوم جميعا على أن يفعلوا ما أشار به عليهم روبيل.
فلما كان يوم الاربعاء الذي توقعوا العذاب (٥) تنحى روبيل من القرية حيث يسمع صراخهم ويرى العذاب إذا نزل ، فلما طلع الفجر يوم الاربعاء فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به ، فلما بزغت الشمس أقبلت ريح صفراء مظلمة مسرعة ، لها صرير وحفيف وهدير فما رأوها عجوا جميعا بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله ، وتابوا إليه واستغفروه ، و صرخت الاطفال بأصواتها تطلب أمهاتها ، وعجت سخال (٦) البهائم تطلب اللبن ، وعجت الانعام تطلب الرعي ، (٧) فلم يزالوا بذلك ويونس وتنوخا يسمعان صيحتهم وصراخهم ويدعوان الله عليهم بتغليظ العذاب عليهم ، وروبيل في موضعه يسمع صراخهم وعجيجهم و
__________________
(١) في البرهان : أن تعزلوا الاطفال عن الامهات.
(٢) في البرهان زيادة هي هذه : وكل المواشي جميعا عن اطفالها.
(٣) في البرهان : فعجوا عجيجا.
(٤) في البرهان : وان لم تغفر لنا.
(٥) في البرهان : توقعوا فيه العذاب.
(٦) جمع السخلة : ولد الشاة.
(٧) في البرهان : وعجت سخال البهائم تطلب الثدى ، وسغب الانعام تطلب الرعي. قلت : سغب : جاع.