الله (ص) وخديجة رضي الله ( عنها )؟ وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (ص) ، فقلت : يارسول الله ماهذه الرنة؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس (١) من عبادته ، إنك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلا أنك لست بنبي ولكنك وزير ، وإنك لعلى خير.
ولقد كنت معه (ص) لما أتاه الملا من قريش فقالوا له : يا محمد إنك قد ادعيت عظيما لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه وأريتناه علمنا أنك نبي ورسول ، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب ، فقال (ص) لهم : وما تسألون؟ قالوا : تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها ، وتقف بين يديك ، فقال (ص) : أن الله على كل شئ قدير ، فإن فعل الله ذلك لكم أتؤمنون وتشهدون بالحق؟ قالوا : نعم ، قال : فإني سأريكم ماتطلبون ، وإني لاعلم أنكم لاتفيئون إلى خير ، وإن فيكم من يطرح في القليب ، ومن يحزب الاحزاب. (٢)
ثم قال : يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله ، فوالذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد ، وقصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله (ص) مرفرفة ، وألقت بغصنها الاعلى على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وببعض أغصانها على منكبي وكنت عن يمينه صلىاللهعليهوآله ، فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا واستكبارا : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال ، وأشده دويا ، فكادت (٣) تلتف برسول الله (ص) ، فقالوا كفرا وعتوا : فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان ، فأمره (ص) فرجع ، فقلت أنا : لا إله إلا الله ، إني أول (٤) مؤمن بك يارسول الله ، وأول من أقر (٥) بأن الشجرة فعلت مافعلت بأمر الله تبارك وتعالى ،
__________________
(١) المصدر خلى عن لفظة » قد ».
(٢) قال الجزري : الاحزاب جمع حزب بالكسر : الطوائف من الناس ، ومنه حديث ابن الزبير أن يحزبهم أي يقويهم ويشد منهم ، أو يجعلهم من حزبه ، أو يجعلهم أحزابا. منه رحمه الله.
(٣) في نسخة : فكانت.
(٤) في المصدر : فاني.
(٥) في نسخة : وأول من آمن.