لا يحتملون ذلك ، وإني سأفعل ، وارتفع إليه رجلان فاستعداه (١) أحدهما على الآخر فأمر المستعدى عليه أن يقوم إلى المستعدي فيضرب عنقه ففعل ، فاستعظمت بنو إسرائيل ذلك وقالت : رجل جاء يتظلم من رجل فأمر الظالم أن يضرب عنقه! فقال : رب أنقذني من هذه الورطة ، (٢) قال : فأوحى الله تعالى إليه : يا داود سألتني أن ألهمك القضاء بين عبادي بما هو عندي الحق ، وإن هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه ، فأمرت فضربت (٣) عنقه قودا بأبيه وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت شجرة كذا ، فأته فناده باسمه فإنه سيجيبك فسله ، قال : فخرج داود عليهالسلام وقد فرح فرحا شديدا لم يفرح مثله فقال لبني إسرائيل : قد فرج الله ، فمشى ومشوا معه فانتهى إلى الشجرة فنادى : يافلان ، فقال : لبيك يانبي الله ، قال : من قتلك؟ قال : فلان ، فقالت بنو إسرائيل : لسمعناه يقول : يانبي الله ، فنحن نقول كما قال ، فأوحى الله تعالى إليه : ياداود إن العباد لا يطيقون الحكم بما هو عندي الحكم ، فسل المدعي البينة ، وأضف المدعى عليه إلى اسمي. (٤)
١٣ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر (ع) قال : إن داود (ع) سأل ربه أن يريه قضية من قضايا الآخرة ، فأوحى الله إليه : يا داود إن الذي سألتني لم أطلع عليه (٥) أحدا من خلقي ولا ينبغي لاحد أن يقضي به غيري ، قال : فلم يمنعه ذلك أن عاد فسأل الله أن يريه قضية من قضايا الآخرة ، قال : فأتاه جبرائيل فقال : لقد سألت ربك شيئا ما سأله قبلك نبي من أنبيائه صلوات الله عليهم ، يا داود إن الذي سألت لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه ، ولا ينبغي لاحد أن يقضي به غيره ، فقد أجاب الله تعالى دعوتك وأعطاك ما سألت ، إن أول خصمين يردان عليك غدا القضية فيهما من قضايا الآخرة ، فلما أصبح
__________________
(١) اي استعان به واستنصره.
(٢) الورطة : كل امر تعسر النجاة منه.
(٣) هكذا في النسخ ، ولعله مصحف ( فضرب ) وان كان العنق قد يؤنث ، ويمكن ان يقرأ بالخطاب. والقود : القصاص وقتل القاتل بدل القتيل.
(٤) قصص الانبياء مخطوط. اضاف الشئ إلى الشئ : اماله واسنده وضمه.
(٥) أطلعه عليه : أظهره له.