الموت سبيلا لكان ذلك سليمان بن داود عليهالسلام ، الذي سخر له ملك الجن والانس مع النبوة ، وعظيم الزلفة ، (١) فلما استوفى طعمته واستكمل مدته رمته قسي الفناء بنبال الموت ، وأصبحت الديار منه خالية ، والمساكن معطلة ، ورثها قوم آخرون. (٢)
١٠ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في قوله تعالى : « اعملوا آل داود شكرا » قال : كانوا ثمانين رجلا وسبعين امرأة ، ما أغب المحراب رجل واحد منهم يصلي فيه ، وكانوا آل داود ، فلما قبض داود عليهالسلام ولى سليمان عليهالسلام قال : يا أيها الناس علمنا منطق الطير ، سخر الله له الجن والانس ، وكان لايسمع بملك في ناحية الارض إلا أتاه حتى يذله ويدخله في دينه ، وسخر الريح له ، فكان إذا خرج إلى مجلسه عكف عليه الطير وقام الجن والانس ، وكان إذا أراد أن يغزو أمر بمعسكره فضرب له بساطا من الخشب ، ثم جعل عليه الناس والدواب وآلة الحرب كلها حتى إذا حمل معه مايريد أمر العاصف من الريح فدخلت تحت الخشب فحمله حتى ينتهي به إلى حيث يريد ، وكان غدوها شهرا ورواحها شهرا. (٣)
بيان : ما أغب المحراب أي لم يكونوا يأتون المحراب غبا ، بل كان كل منهم يواظبه. *
__________________
(١) الزلفة : القربة. الدرجة. المنزلة.
(٢) نهج البلاغة ١ : ٣٤١ ٣٤٢.
(٣) قصص الانبياء مخطوط.
* روى الثعلبي انه نزل كتاب من السماء على داود عليهالسلام مختوما بخاتم من ذهب فيه ثلاث عشرة مسألة ، فاوحى الله إلى داود أن سل عنها ابنك سليمان فان أخبر بهن فهو الخليفة من بعدك قال : فدعا داود سبعين قسا وسبعين حبرا وأجلس سليمان بين ايديهم ، فقال : أخبرني يا بني ما أقرب الاشياء؟ وما ابعد الاشياء؟ وما آنس الاشياء؟ وما اوحش الاشياء؟ وما أحسن الاشياء؟ وما أقبح الاشياء؟ وما أقل الاشياء؟ وما اكثر الاشياء؟ وما القائمان؟ وما المختلفان؟ وما المتباغضان؟ وما الامر الذي اذا ركبه الرجل حمد آخره؟ والامر الذي اذا ركبه الرجل ذم آخره؟
قال سليمان : أما أقرب الاشياء فالاخرة ، واما ابعد الاشياء فما فاتك من الدنيا ، واما آنس الاشياء فجسد فيه روح ناطق ، واما أوحش الاشياء فجسد بلا روح ، واما احسن الاشياء فالايمان بعد الكفر ، واما اقبح الاشياء فالكفر بعد الايمان ، واما اقل الاشياء فاليقين ، واما اكثر الاشياء فالشك *