لم يطلقوا حلائلهم ولم يعرضوا عن زهرة دنياهم ، ويناصروا الحسين عليهالسلام الاّ وهم على بصيرة وعلم من أنه عليهالسلام امام تجب طاعته وتحرم معصيته ، فكيف يختبرهم بعد هذا الاخلاص والمعرفة الثابتة بوجوب طاعته ؟
الجواب :
أن فاجعة الطّف قضية هي الوحيدة من نوعها واليتيمة في بابها خرجت عن جميع القواميس والنواميس ولاينطبق عليها حكم من أحكام الشرائع السماوية ولا الأرضية لا الدينية ولا المدنية ، ولاينفذ في فولاذها الحديدي ( لماذا ولأن ) قل لي بربك أيّ حرب في العالم برز فيها سبعون نفر ازاء سبعين ألف اولئك عطاشا قد كظّهم الجوع والظمأ وهؤلاء ملاءى البطون من الطعام والشراب ، اولئك مقسمة أفكارهم موزّعة ألبابهم بعيالهم وأطفالهم المعرّضة للنهب والسلب ، وهؤلاء وادعة نفوسهم مجتمعة افكارهم حيث لاعيال ولا أطفال ولاجوع ولاعطش ، قل لي بربك أيّ حرب يبرز فيها غلام لم يبلغ الحلم ولم يجر عليه قلم التكليف بصوم وصلاة فضلا عن الجهاد فيأذن له عمّه (١) في المبارزة ويتقدم الى سبعين الف من الابطال الامعة سيوفهم مشرعة رماحهم ، أفما كان اللازم بحكم الشرائع السماوية ان يقول له عمّه أنت غير مكلّف بجهاد ولادفاع ؟ ويجب علينا ان ندفع عنك لا أن
__________________
(١) كقاسم بن الحسن عليهالسلام خرج وهو غلام لم يبلغ الحلم فلما نظر اليه الحسين عليهالسلام اعتنقة وبكى ثم استأذن فاذن له فبرز كأن وجهه شقة قمر وبيده السيف وعليه قميص وازار وفي رجليه نعلان فمشى يضرب بسيفه فانقطع شسع نعله اليسرى وأنف ابن النبي صلىاللهعليهوآله ان يحتفى في الميدان فوقف يشد شسع نعله وهو لا يزن الحرب الا بمثله غير مكترث بالجمع ولا مبال بالالوف.
وكان خرج قبله اخوه لامه وابيه ابوبكر بن الحسن عليهالسلام وهو عبدالله الاكبر وأمه ام ولد يقال لها رملة فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه. وكان عبدالله زوج سكينة بنت الحسين عليهالسلام فقتل قبل ان يبنى بها انظر اعلام الورى ، ص ٢١٣. انظر ( مقتل الحسين ) للمقرم ، ص ٣٠٦ ، ط ٢ النجف.