ان كتاب الاغاني كتاب لهو وطرب (١) يجمع فيه كل غثّ وسمين ، اذ ليس المقصود منه على الاكثر سوى الفكاهة وأحاديث السمر ، وابوالفرج وان كان ثقة لايكذب ولكنه كثيراً ما يروى عن الكذّابين ولايعنيه أمر الصحة والضعف في الاخبار ، ويسرد كل ما وصل اليه مهما كان ، والاحاديث التي رواها في سكينة منها مقطوع بكذبه وأنه من المجعولات وأحاديث السمر ، مثل حديث ابن سريج مع سكينة فانه من السماجة والسخافة بحيث يدرك كل احد جعله وكذبه ، ولاسيما وان راويه
__________________
(١) ابوالفرج الاصبهاني المتوفى سنة : (٣٥٦) ه = مرواني النسب مرواني النزعة ولذلك الف لأقاربه الامويين من ملوك الاندلس كتبها وصيرها اليهم سرّا فاتته الجائزة منهم سراً.
وقد ارسل المؤرخون تشيعه حتى تسرب الوهم منهم على جملة من الشيعة فذكروه في كتب رجالهم وذهب عنهم ان هذه الاكذوبة امر دبربليل وانما فعلوها ليحملوا الشيعة أوزارا مما اثبته من هناته وليس فى كتبه وشعره ايّ صراحة بانتمائه الى مذهب اهل البيت عليهالسلام عدا الشعارات لاتعدوا ان تكون تزلفا منه الى ملوك وقته آل حمدان وامرائه ممن ينتمون الى ولاء العترة الطاهرة عليهالسلام ويصلون مادحيهم بعطائهم الجزيل ولذلك الّف كتاب « مقاتل الطالبيين ».
فالحق مع العلامة الخونسارى صاحب روضات الجنات رحمهالله فيما ابداه من الرأي في حق ابي الفرج وتحامل المحدث العلامة النوري رحمهالله في خاتمة « المستدرك » عليه ليس على ضوء التحقيق والتحليل الصحيح بل جمود على اقوال بعض علماء الرجال من الشيعة مع انهم ذكروه من الشيعة الزيدية اعتمادا على الشهرة الكاذبة بين المؤرخين قال ابن الجوزي في المنتظم = ج ٧ ، ص ٤٠ ـ حوادث سنة : ٣٥٦ = لا يوثق برواية أبي الفرج لانه يصرح بكتبه بما يوجب الفسق عليه وتهاونه بشرب الخمر وربما حكى ذلك عن نفسه ومن تأمل كتاب الاغاني راى كل قبيح ومنكر.
وللدكتور ذكي مبارك كلمة قيمة وقد اتى فيها بالحقائق الراهنة وصوّرت الرجل وكتابه الاغاني بما يقيد للقارى ، زيادة بصيرة بما عليه من الخلاعة والمروق عن الدين وفراغ الكتاب ـ الاغاني ـ عن الحقائق التاريخية وقال هو كتاب ادب لا كتاب تاريخ اراد ان يقدم لاهل عصره اكبر مجموعة تغذى الأندية ومجامع السمر ومواطن اللهو ومغان الشراب وقد جاءت احاديث الاغاني مروية بالسند والرواية بالسند شيء ساحر فتن به كثير من الناس وظنّوه علما دقيقا له آداب وشروك واعتمادا على هذا العلم الدقيق اطمأن كثير من الباحثين الى روايات الاغاني فضلّوا في حقائق التأريخ.
انظر كتاب « النثر الفني » ج ١ ص ٢٣٤ = ٢٤٥ ط مصر وكتاب « السيدة سكينة » ص ٤٠ = ٥٤ لسيدنا الحجة السيد عبد الرزاق المقرم النجفي رحمهالله وممن اعتمد على الاغانى في جعله هذا الكتاب مصدراً لنقل التواريخ هو « جرجي زيدان » في تأليفاته.