حماد الرواية (١) المشهور بالكذب وكان يضع القصص والوقائع وينشىء الاشعار وينسبها الى العرب ، وكيف يحتمل العاقل ان سكينة تقول لابن سريج المغنّي الذي تنسك وترك الغناء أنا بريئة من جدّي ان لم تغنّي لي ، وبريئة من جدّي ان لم تقم في بيتي شهراً كي تغنّي لي كلّ يوم ، وهكذا تبرّأت من جدّها عدة مرّات ، والحاصل ان المؤرخ وكتب التاريخ والأدب كحاطب ليل ، واللازم في تمييز الصحيح من السقيم الرجوع الى العقل والتعويل الى القرائن والأمارات ، فمثل تلك الاخبار حرام نقلها والاعتماد عليها ، نعم في الاغاني ما يمكن التعويل عليه في احوال سكينة مثل أن جريراً والفرزدق (٢) وجماعة من الشعراء اجتمعوا في ضيافة سكينة ، فمكثوا اياما ثم أذنت لهم فدخلوا عليها ، فقعدت حيث تراهم ولايرونها ، وتسمع كلامهم ، ثم اخرجت وصيفة لها وضيئة قد روت الاشعار والأحاديث فقالت أيّكم افرزدق ؟ فقال لها أنا ذا الى الآخر ، فمثل هذا الخبر الذي يحفظ كرامة هذه العقيلة ويجعلها في
__________________
(١) حماد بن سابور بن المبارك ولد (٩٥) هو توفى (١٥٥) ه كان من اعلم الناس بايّام العرب واشعارها واخبارها وانسبها اصله من الديلم ومولد في الكوفة ورحل الى الشام فتقدم عند بني امية وهو الذي جمع السبع الطوال ( المعلقات ) قال الانباري في نزهة الالباء ص ٤٣ : ولم يثبت ما ذكره الناس من أنها كانت معلقة على الكعبة (ا ه). وقال محمّد بن سلام الجمحي المتوفى : (٢٣١) ه في كتاب : طبقات فحول الشعراء كان اول من جمع اشعار العرب وساق احاديثها : حماد الرواية وكان غير موثوق به : كان ينحل شعر الرجل غيره وينحله غير شعره ويزيد في الاشعار وسمعت يونس يقول : العجب لمن ياخذ عن حماد ، كان يكذب ويلحن ويكسر وقال علم الهدى رحمهالله في الامالي. واما حماد الرواية فكان منسلخا من الدين زاريا على اهله مدمنا لشرب الخمر وارتكاب الفجور انظر طبقات فحول الشعراء ص ٤٠ = ٤١ ط مصر بتحقيق وشرح الاستاذ محمود محمّد شاكر والاعلام للزر كلي ج ١ ص ٢٧٠ ط ١ مصر والامالي للسيد المرتضى ج ١ ، ص ٢٣١ ط مصر.
(٢) الفرزدق همام بن غالب التميمي الشاعر المشهور من الشعراء المجاهرين في محبة اهل البيت عليهمالسلام صاحب جرير توفى بالبصرة سنة : (١١٠) ه وبلغ خبره جريرا بكى وقال اما والله اني لاعلم اني قليل البقاء بعده ولقد كان نجمنا واحدا وكل واحد منا مشغول بصاحبه وقلما مات ضد او صديق الاّ وتبعه صاحبه وكذلك كان توفى جرير سنة : (١١٠) ه التي مات فيها الفرزدق.