المقام اللائق بشرفها من الستر والصيانة هو المعقول والمقبول ، ولاجرم أنها كما ذكر ابوالفرج بنفسه ان سكينة كانت عفيفة سلمة برزة تجالس الجلّة من قريش وتجتمع اليها الشعراء وكانت ظريفة مزّاحة ، فكيف يعقل ان اقل غلمانها وهو أشعب يجترىء عليها ويقول في خبر ابن سرج الذي اشرنا اليه : الرجل ( يعنى ابن سريج ) زاهد ولاحيلة فيه فارفعى طمعك وامسحى بوزك الى آخره.
والخلاصة ان اخبار الأغاني بل وغيرها مغشوشة ، والكذب فيها ان لم يكن اكثر من الصدق فهما سواء والا يميز هذا من ذاك الا الماهر المتبحر من العلماء ولايجوز لغيرهم من الذاكرين وغيرهم ذكرها الا بعد عرضها على من يوثق به من اهل البحث والنظر ، والاّ كان اثمه اكبر من نفعه ؛ اما اخبار سكينة من الاغاني وغيره فالارجح بل اللازم ترك ذكرها في النوادي العامة والمحافل ومجالس العزاء وان كان السيد المرتضى رضوان الله عليه (١) ذكر خفيفا منها في اماليه ، والظاهر ايضا انه أخذه من الاغاني يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وقُولُوا قَوْلاً سَديِداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَنْ يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً . (٢)
__________________
(١) انظر الامالي لسيدنا المرتضى علم الهدى ، ج ١ ، ص ٥١٣ ط مصر سنة (١٣٧٣) ه
(٢) سورة ٣٣ آية : ٧٠ = ٧١.