على الخالق ، وهي ثابتة في كل زمان ومكان ؛ وفي عامة الشرائع والاديان.
٣. وأما نوعه : فهو من العلوم النظرية الفكرية الاستقلالية ، وليس من العلوم الالية ، وهو مقدمة للعمل وليس تحققه منوطاً به ؛ بل هو ملكة نفسية كسائر العلوم والفنون ، ولاتكون ملكة راسخة الا بعد الممارسة والمزاولة وسبر الادلة ، واستحضار القواعد العامة ، والاحاطة بالاشباه والنظائر ، وهو احوج ما يكون الى ذهن نافذ وفهم وقّاد ، وذوق سليم واعتدال سليقة واستقامة طريقة ، ومعرفة بالأمور العرفية يستطيع بها تطبيق الاصول للفروع وأستنباط حكم الجزئي من الدليل الكلي ، ويستحيل عادة او حقيقة حصول هذه الملكة ـ أعني ملكة الاجتهاد ـ للبليد والرجل العادي ، ولذا قالوا : ان الاجتهاد نور يقذقه الله في قلب من يشاء ، وأنا أقول : نعم هو نور ولكن لا يقذفه الله في قلب احد جزافاً ، وانما ينفحه به بعد طول الكدّ والجدّ والتعب ، والعناء ، وان نقل عن بعض الاساطين : ان ملكة الاجتهاد حصلت لهم قبل البلوغ ، وهو ان صح فمن النوادر والشواذ.
٤. هل حرّيتهم الفكرية مطلقة بالمعنى
الصحيح أم هي مقيدة تقييدا كبيراً بمذهبهم ؟! قد أشرنا الى ان الاجتهاد لا يتقيد بمذهب من المذاهب ، فهو مطلق من هذه الناحية ، ولكن الاجتهاد الصحيح الذي يجوز للمجتهد ان يعمل به ، وللمقلد أن يأخذ به ويرجع اليه مقيد بأن يكون على مذهبهم ومن السنّة المعتبرة عندهم ، مثلا الأحناف قد يفتون على ما يقتضيه القياس والمصالح المرسلة، وهذا لايجوز عند الامامية أصلا ؛ بل لابد من الاستناد الى كتاب او السنّة المعتبرة عندهم ، او العقل القطعي البديهي لا الظن او الاستحسان وحتى ان مراجعهم العليا في الحديث ـ وهي الكتب الاربعة المشهورة : ( الكافي
) و ( التهذيب
) و ( الاستبصار
) و ( من لا يحضره الفقيه ) ـ مع جلالة قدرها
وعظمتها عندهم فهم لا يعلمون بكل حديث فيها ؛ بل يمحّصونه ويقحصونه ويجتهدون في سنده ومتنه ، فقد يقبله مجتهد حسب