عَظِيمٍ (١) حتى في احواله العادية فضلاً عمّا يعود الى عالم التشريع هو فوق مستوى البشرية فهو منزه في كل أقواله وأفعاله بعيد عمّا يكون له أي مساس بحفظ الكرامة ، والصيانة والوقار ، والهيبة ولاريب أن البول قياما ولاسيما أمام جماعة من الناس ممّا تنبو عنه الطباع تشمئز منه النفوس ، ألا ترى ان العرب كانوا اذا أرادوا ذم الرجل ، وأنه جلف جافى لايعقل شيئا يقولون : ( أعرابي (٢) بوّال على عقبيه ) أي يبول قائماً يترشح البول او يسيل على عقبيه كالبهائم. فاذا كان أحد أئمة المساجد الذي لم تستطع اقناعه بكذب الخبر يرضى أن يكون نبيّه بوالاً على عقبيه ، فنحن لانرضى بذلك وننزّه مقام النبوّة ونقدّسه عن مثل هذا الرذائل. ومن الشائع المعروف عند الامامية أنه صلىاللهعليهوآله ما رآه أحد على بول او غائط قط وان الارض تبتلع فضلاته.
وهذا أمر جلي واضح يدركه الذوق والوجدان وهو في غنى عن الدليل والبرهان ، فان كل ذي شعور اذا وجد رجلا يبول في الطريق قائما أو قاعداً يسقط من عينه ، ولايبقى له أي كرامة في المجتمع ، كمن يمشى عاريا في المجامع ، ويستحق الذّم واللوم عند العقلاء وهو في سائر الناس فما ظنك بالنّبي والائمة سلام الله عليهم ؛ والعلماء الذين بهم الأسوة والقدوة ؟!
هذا من طريق العقل والعرف والاعتبار ، أما لو اردنا سرد الاخبار الواردة في كراهة البول قائما او في الطريق ، واستحباب التباعد بالبول بحيث لايرى ، وأن يتوقى الترشح ونحوه فهو كثير لا يسع المجال لاحصائه ، نعم لو رأينا النبي صلىاللهعليهوآله بال قائما بأعيننا او ثبت ذلك بالتواتر وجب علينا تخرج وجه لصحة عمله ، وطلب وجوه التأويل لهذا العمل المنكر عقلا وعرفا وشرعا ، فنقول ان مراده بيان الجواز ؛
__________________
(١) سورة ٦٨ آية : ٤.
(٢) الاعراب أهل البادية من العرب والعجم.