كالبيّنة أو خبر العدل الواحد على القول به في الموضوعات وامّا الاعتماد على العلم العادي في هذه الموارد فمشكل وبناء على هذا ففي كل مقام ومورد جاء احتمال الطهارة ولو كان في غاية الضعف ، فلابدّ من البناء على الطهارة وهذه القاعدة المباركة حاكمة ، ومن المعلوم أنّ الطهارة في نظر الشارع المقدّس مبنيّة على التوسعة ، وامّا امر النجاسة والتنجس فهو مبني على الضيق وعدم التوسع يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُريِدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (١) بل الغالب أنّ هذه الخيالات والتوهمات تنجرّ الى الوساوس والمخاطر وهي الطامّة الكبرى المفسدة للدّين والدنيا ، فعلى هذا فان رأيت بعينك أنّ العامي باشر الدم أو المني ولم يجتنب منها أو أنّه باشر الكافر ولم يتباعد عنه ففي ذاك المجلس اجتنب عنه وكذا ان علمت أنّه في الامس أو في مجلس قبل هذا المجلس باشر الكافر لزم الاجتناب ايضاً وليست الغيبة في هذا المقام مطهّره فانّه يشترط فيها العلم بالنجاسة وهو ليس بقائل بنجاسة هذه الامور المذكورة ففي هذا الفرض يجري استصحاب النجاسة.
وامّا اذا علمت أنّ المباشرة انّما وقعت في وقت من الأوقات ولكن لم يعلم أنّها في أيّ وقت وقعت بالخصوص ففي هذه الصورة لايجري الاستصحاب بل تجري قاعدة الطهارة.
فصارت النتيجة أنّ في كل مورد تزاحم احتمال الطهارة مع احتمال النجاسة فاحتمال الطهارة مقدّم عليه عند الشارع المقدّس ولو كان احتمال النجاسة اقوى عند العرف والعادة أو من قرائن الأحوال الاّ ان يجري أصل او تقوم بيّنة ومع عدمهما وعدم كون المقام مورداً لهما يبنى على الطهارة وهذا المقام من الموارد التي يحسن الاحتياط فيها ولكن في غير موارد العسر والحرج ، وامّا الدم المختلف في الرقبة
__________________
(١) سورة البقرة آية : ١٨٥.