والاحسان ؛ وصنع المعروف لوجه الله ، وفي سبيل الله ، لجميع عباد الله ، للفقير والغني ، والعاجز والقوي ، للمؤمن والكافر ، وهذه الفضيلة هي فضيلة الجود والسخاء التي يقابلها رذيلة الشحّ والبخل فالكرم عطاء بلاعوض ، وبذل من دون نظر الى الاستحقاق وعدمه ، والبخل المنع حتى مع الاستحقاق ، والاولى هي بمرتبتها العليا هي صفة الحق جلّ شأنه والامثل فالامثل من الانبياء والمرسلين ، والاوصياء والصديقين ، ولعلها في بعض البشر من الغرائز والمواهب لاتحصل بالطلب والكسب كصفاء اللؤلؤة واشراق الشمس وفيض الينابيع ، ومثلها رذيلة البخل قد تكون طبيعة في بعض البشر وغريزة وهناك اوساط ونفوس ساذجة اليس في جبلّتها هذا أوّلاً ذاك ، فيؤثر فيها المحيط والتربية ، والأقران فضيلة أو رذيلة ، وما من شريعة من الشرايع ، ولا دين من الاديان ، ولا كتاب من الكتب قد حث وبعث وبالغ في الدعوة الى الاحسان والمعروف وبذلك المال في سبيل الخير مجّاناً ولوجه الله تعالى كشريعة الاسلام وكتابها المجيد.
وقّلما تجد سورة من سور القرآن لم يتكرّر فيها طلب الانفاق والوعد بالأجر العظيم له خذ أول سورة بعد الفاتحة وهي اوسع سورة بعد الفاتحة وهي اوسع سورة تضمّنت التشريع الاسلامي وعامة فرايضه من الصلاة والصوم والزكاة والحج والنكاح والرضاع والطلاق والمعاملات والدّيون والرهن والقصاص والدّيات وغيرذلك ، افتتح البارى جل شأنه هذه السورة بالانفاق ، وقرنه بالايمان بالله ، وبأهمّ دعائم الاسلام وفى الصلاة فقال الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١) ثمّ قال جلّ شأنه فيها بعد جملة آيات وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ والمَلائِكَةِ والْكِتابِ والنَّبِيِّينَ وآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ
__________________
(١) سورة البقرة آية : ٣.