ذَوِي الْقُرْبى والْيَتامى وَالمَساكِينَ (١) ثم قال بعد فصول طويلة ، وبيان احكام كثيرة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خُلَّةٌ ولا شَفاعَةٌ (٢) ولم يكتف بهذا كله في هذه السورة المباركة حتى أفاض في فضل الانفاق وأجره العظيم ، وانّه يعود لاضعافه المضاعفة وجاء بأبلغ الامثال ، وابدع المقال فندب الى البذل والاحسان وحرمة الربا الذي في قطع سبيل المعروف ، وأكل المال بالباطل ، وجعل من يصرّ على استعماله محارب بالله العظيم والله محارب له ، كلّ ذلك في ضمن أكثر من ثلاثة عشر آية مطوّلة بدأها عزّ شأنه بقوله : مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعَفُ لِمَنْ يَشاءُ واللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣) الى قوله تعالى : الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤) ثم بعدها اربعة عشر في فضل الانفاق الحقها بتحريم الرّبا ، وفظاعة شأنه ، وتهويل جريمته ، وبيان جملة من احكامه فقال : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ المَسِّ وهذا تصوير بديع لحال المرابين ، وعظيم جشعهم ، وحرصهم على جمع المال وادّخاره وتوفيره ، فهو كالذي فيه مسّ من الجنون يذهب ويجىء ويقوم ويقعد ويأخذ ويعطى ، فهو في حركة دائبة وعمل متواصل لايقرّ له قرار ، ولا يستريح من التفكير والتوفير والادخار في ليل ولانهار واذا اعترضه معترض قال ممرّراً عمله انما البيع مثل الربا والبيع حلال فالرّبا مثله ، وهو قياس فاسد ، ويعرف فساده من القاعدة الشرعية المباركة « الغُنم
__________________
(١) سورة البقرة آية : ١٧٧.
(٢) سورة البقرة آية : ٢٥٤.
(٣) سورة البقرة آية : ٢٦١.
(٤) سورة البقرة آية : ٢٧٤.