وَأَنْفُسَكُمْ فكان تأويل ابنائنا الحسن والحسين ، فقال : احسنت ارفع اليّ حوائجك ، فقلت : حاجتي ان تأذن لى في الانصراف الى أهلي فانيى تركتهم باكين آيسين من ان يروني ، فقال : مأذون لك اردد.
وهكذا كان دأب ذلك الطاغية مع الامام عليهالسلام لايزال يناظره ويجادله
والامام يصانعه ويجامله ، يكاتمه مرة ويكاشفه اخرى ويحاشيه طوراً ويعايشه طوراً وكان هارون كأنه يريد بتلك المطارحات والمنافحات ان يستطلع مكنون الحقيقة من الامام ويستجلى مخبئات الاسرار ويتعرّف ما عند ابي الحسن سلام الله عليه في أمر الامامة والخلافة وانه هل يرى في نفسه ردائه المستحلب وحقه المغتصب وهل في أنفس آل علي عليهالسلام نزوع
بعد اليها وعزيمة نهوض اليها ام طابت وتطامنت انفسهم عنها وتخلّت عزائهم منها ، فكان الامام عليهالسلام يتجافى
عن ذلك ما استطاع وعدد امر لايفسح له في ذلك ويابى الا ان يصارحه بالحقيقة ولا يقنع منه الا بمخ الصواب ، فاضطر الامام الى ان فلقى عليه من الحجج البالغة بل الصواعق الدامغة ما يضيق الدنيا في عينه ويصغر عظمة ملكه وسلطانه ويجعله في اضيق من الحبوس التي حبس الامام فيها اخيراً مستشيراً حيث يوضح له عيانا حجة وبرهانا انه غاصب ظالم ومخلد في العذاب الدائم وكل تلك المساجلات كان الغرض منها التوصل الى تلك الخفايا والوقوف على هاتيك الثنايا ولكن الغوى الرشيد والجبار العنيد عرف بعد ان سئل الامام تلك المسائل التي ادلى سلام الله عليه فيها بالحجج وأوضح المنهج واخذ بالفلج انه لوصارحه بامر الامامة وقال له فمن اين جائتكم الامامة وصرتم اوصياء رسول الله ورسول الله لم يوص الى احد وانما الامامة باجماع اهل الحل والعقد وما أشبه هذا من مزخرفاتهم عرف انه لو سئله عن ذلك لالقمه الامام حجراً ولواه من الفشل والخزي ما يودّ معه لو نبذ بالعرا فلهذا قطع الكلام ووقف دون الغاية وقال في نفسه يقينا حسبنا منك يا ابا الحسن ما لقينا ولكن الامام