واخلاقية اجتماعية ،
ورموز علوية ، ورياضات روحية ، نعم الناظر الى أعمال الحج نظرة سطحية قد ينسبق الى ذهنه أنّها الاعيب من العبث ، واضراب من اللهو والنصب ولكن لا تلبث تلك النظرة العابرة حتى تعود عبرة وفكرة ، تذهل عندها الالباب وتطيش في سبحات جلالها العقول ، امّا الذي فيه من الفوائد
المادية ، والاجتماعية ، والاخلاقية ، فلعل سطحه الاول ظاهر مكشوف ، والتوسع فيه يحتاج الى مجال اوسع ونظر اعلى وارفع ، وهي التي اشير اليها بقوله عزّ شأنه لِيَشْهَدُوا
مَنافِعَ لَهُمْ ولكن اذا
لم يتسع لنا المجال للاشارة الى تشريح هذه المنافع أفلا يمكن التلويح الى بعض تلك النفحات التي تهب نسائهما من الكنوز والرموز الروحية التي تتضمنها
أعمال الحج أوّلها الاحرام ، أرايت المحرم حين يتجرد من ثيابه التي يتجمل
بها بين الناس فيستبدل بها قطعتين من القطن الابيض اشارة الى قطعة جميع علائق هذه الحياة وزخارفها ، واكتفائه بثوبين ، كمن ينتقل من هذه الحياة الى الحياة الاخرى ، لابساً أكفانه ، منصرف النفس عن كلّ شهواتها ، وعازفاً عن كلّ لذاتها ، أتراه حين يرفع صوته كلما على جبلاً أو هبط وادياً او نام
او استيقظ ( لبيك اللهم
لبيك لا شريك لك لبيك ) كانه يجيب داعياً
، ويخاطب مناديا ، نغم يجيب داعي الضمير ، وخطاب الوجدان خطاباً يجيب به نداء ربّه ، واذان أبيه ابراهيم ، ودعوة نبيه محمّد صلىاللهعليهوآله
أتراه كيف يتجرّد عن الدنيا ويتحلى عن الروح الحيوانية فيصير روحاً مجرداً ، وملاءكاً بشراص فيحرّم على نفسه التمتّع حتى من النساء والطيب والطيبات ، بل حتى العقد على النساء ويحرم عليه أن يؤذي حيواناً ، ولو من الهوام وأن يصيد صيداً ولو من الانعام ، وان يقطع شجراً ؛ أو يقطع نباتاً ،
واذا عقد على امرأة في احرامه حرمت عليه ابداً ، أرأيته حين يطوف حلو الكعبة رمز الخلود ، ومركز الابدية وتمثال العرش الذي تطوف حوله الملائكة وَ تَرَى