المَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ (١) طالباً أن تفتح أبوابها فيدخل في فردوسها الأبهى ؛ ويخلد في نعيمها الابدى ، مع الخالدين ، أتراك حيث يبتدء بطوافك من الحجر فتلمسه قاصداً انك تبايعه وتأخذ العهد منه وتقبله وكأنك تقبل يد الرحمن ، وانّه قد نزل من السماء أبيض من اللجين ولكن ذنوب العباد كسته حلة السواد كناية انه تحمل ذنوبهم وتعهد بغفرآنها من خالقهم ، أرأيت كيف ينقلب الطائف حول الكعبة بعد الفراغ من طوافه الى مقام ابراهيم فيصلّي فيه اشارة الى أنّه بعد طوافه على القلب قام مقام أبيه ابراهيم في دعائه الى الربّ واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّى ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم وتب علينا انك أنت التواب الرحيم ، أتراه حين ينفلت بعد الفراغ من الطواف الى السعي بين الصفا والمروة مهرولاً يدفعه الشوق الى السوق حذار أن تعرضه خطرات الوساوس فتكون حجر عثرة في طريقه مشاهدة الحق وتكدر عليه ذلك الصفا المتجلّى عليه من اشعة تلك اللمعات والصفا هو الصخرة التي وقف عليها نبي الرحمة في أول دعوته الناس الى التوحيد ، والدخول في دين الاسلام ، والتخلّى عن عبادة الاصنام ، ما بين الصفا والمروة هو الموقع الذي سعت فيه هاجر أم اسماعيل سبع أشواط في طلب الماء لولدها الذي تركته في المسجد الحرام حولا لكعبة ولما أيست رجعت لولدها ، رجعت اليه فوجدت ماء زمزم قد نبع من تحت قدميه ثم بعد اكمال السعي يقصر من شعره ، ولعله اشارة الى أن السالك الى الحق مهما جد في المسير ، فان مصيرة ومنتهاه الى القصور في شهوره ، أو التقصير ، فاذا عرف قصوره ، واعترف به ، حلّ من احرامه ، وأحل الله له الطيبات التي حرمها عليه ، ورجع من الحق الى الخلق ، وهو أحد الاسفار الاربع ، والى هنا تنتهي عمرته ، ثم يوم الثامن يوم التروية يعقد
__________________
(١) سورة الزمر ، آية ٧٥.