الاحرام ثانياً ، وهو
احرام الحج ، ويتوجّه الى منى وقبل الظهر يوم التاسع يكون في عرفات من الظهر الى غروب الشمس ، ثم يفيض الى المشعر ، وقبل طلوع الشمس يعود الى منى ، فيأتى بمناسكها الثلاثة الرمي ، والذبح ، والحلق يوم عيد الأضحى ، وبعد الحلق يحل من كل ما حرم عليه بالاحرام الا الطيب ، الصيد ، والنساء ، ثم يعود الى مكة ، لاحرام الحج ويحل له بعده الصيد ، والطيب ؛ ثم يعود الى منى ويبيت فيها ليالي النقر ؛ الحادية والثانية عشر ويرمي الجمرات في اليومين ، او الثلاث بعد الاضحى ثم يطوف طواف النساء فتحل له وهنا تنتهي أعمال الحج والمناسك بأجمعها وفي كل واحد من هذه الاعمال رموز واسرار وحكم ومصالح لو أردنا شرح بعضها فضلاً عن كلّها لاحتجنا الى مؤلف مستقل لا نستطيع القيام به ، وقد وهن العظم منى واشتعل الرأس شيباً ، ولكن ليعلم أنّ الاسرار والمصالح التي في الحج ، بل وفي كلّ عبادة ، نوعان خاصة ، وعامّة ، أمّا الخاصة فهي الاسرار التي يتوصّل اليها السالكون والعلماء الراسخون ، والعرفاء الشامخون ولا تنكشف استارها ، وكنوزها لعامّة الناس ، بل ولا يتصورها بلمح الخيال احد منهم وأمّا العامّة فهي الواضحة المكشوفة التي يستطيع كل متفكر ومتدبر أن يعرفها ويتوسل
اليها وأعظمها وأهمّها واجلى المصالح والاهداف التي يرمى اليها ويتطلبها
على الظاهر المكشوف والتي يدركها كل ذي شعور هي الناحية الاجتماعية ، ومن المعلوم أنّ الاسلام دين اجتماعي وقد أعطى للنواحي الاجتماعية أعظم الأهمية فشرّع صلاة الجماعة في مسجد المحلة كلّ يوم ثلاث مرّات أو خمس وصلاة الجمعة في المسجد كل اسبوع وصلاة العيدين لعموم أهل كل بلد وضواحيها كل سنة مرتين ولم يكتف بذلك كله حتى دعى الى مؤتمر عام بجميع أهل الحجى ، والثروة ، والطبقة الرّاقية ، مالاً وعقلاً من المسلمين المتفرقين في اقطار الشاسعة في صعيد واحد ، ليتعارفوا أولاً فاذا تعاروفا تآلفوا واذا تآلفوا تكاثفوا وصار كل واحد
منهم