مقام الفناء في الذات ، لا في مقام الاستقلال والثبات ، ولو صدرت في غير هذه الحال لكانت كفراً على انّ المنقول عن الحلاّج (١) انه قال للذين اجتمعوا على قتله اقتلوني فان دمي لكم مباح لاني قد تجاوزت الحدود ومن تجاوز الحدود ( أقيمت عليه الحدود ) ولكن العارف الشبستري (٢) التمس العذر لهذه الشطحات وحملها على احسن وجه حيث قال :
انا الحق كشف آن اسرار مطلق |
|
بجز حق كيست تا گويد أنا الحق |
روا باشد انا الحق از درختى |
|
چرا نبود روا از نيك بختى |
يقول من ذا يستطيع غير الحق أن يقول انا الحق واذا صح وحسن من الشجرة ان تقول انا الله فلماذا لا يحسن ذلك من العارف الحسن الحظ وحقاً أقول انّ من أجال فكره وأمعن النظر في جملة من آيات القرآن العزيز وكلمات النبي والائمة المعصومين سلام الله عليهم وادعيتهم واورادهم سيجد في الكثير منها الاشارة الى تلك النظرية العبقرية ، وقد شاعت كلمة رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي قوله سلام الله عليه : ( اصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد ). (٣)
__________________
(١) ابو معتب الحسين بن منصور الحلاج الصوفي الشهير قتل في سنة ( ٣٠٩ ه ) ببغداد اختلف الناس حتى الصوفية في حقه. انظر الفهرست لابن النديم ، ص ٢٦٩ ـ ٢٧٢ ط مصر. تنقيح المقال ، ج ١ ، ص ٣٤٥ ط نجف. الكنى والالقاب ، ج ٢ ، ص ١٦٤ ط صيدا.
(٢) سعد الدين محمود بن أمين الدين التبريزي الشبستري من اكابر العرفاء والحكماء صاحب كتاب ( گلشن راز ) الذي ناهز شروحه عن احد عشر شرحا توفى سنة ( ٧٢٠ ه ) ولم يتجاوز عمره عن (٣٣) سنة وقد عد في كشف الظنون بعض مؤلفاته من كتب الشيعة وكذا شيخنا البحاثة المحقق في الذريعة انظر ، ج ٤ ، ص ١٥٨ وج ٧ ، ص ٤٢ ط طهران.
(٣) لبيد بن ربيعة العامري الانصاري من الشعراء الخضرمين يقال انه مات في زمن معاوية وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة ولم يقل شعرا في الاسلام الا بيتاً واحداً وهو قوله :
الحمد لله اذ لم يأتني أجلي |
|
حتى كساني من الاسلام سربالا |