هذا الجسد الذي كان في الدنيا بروحه وجسمه ! فيعود للنشر يوم الحشر كما كان ، ويقف للدينونة بين يدي الملك الديان كما هو ظاهر جميع ما ورد في القرآن الكريم من الآيات الدالة على رجوع الخلائق الى الله عزّ شأنه والرد على منكري البعث والمعاذ لمحض لعناد ، او الاستبعاد أو اخذاً بقضية استحالة اعادة المعدوم المرتكزة في الاذهان ، وقد رد عليهم الفرقان المحمدي بانحاء من الاساليب البليغة البالغة ، الى أقصى مراتب البلاغة والقوة ، يعرفها من يتلو القرآن يتدبر وامعان ، وحيث أنّ غرضنا المهم من تحرير هذه الكلمات هو اثبات الامكان ، ودفع الاستحالة ؛ كي تبقى ظواهر الأدلة على حالها ، لذلك لم نتعرض لسرد تلك الآيات النيّرات واتجهنا الى تلك الوجهة ، ودحض تلك الشبهة ، بأوضح بيان ، وأصحّ برهان ، ومنه تعالى نستمد وعلى فضل فيضه نعتمد ، ونقول : حيث أنّ من الواضح المعلوم بل المحسوس لكل ذي حس ، أنّ كل شخص من البشر مركب من جزئين ، الجزء المحسوس وهو البدن العنصري الذي يشاهد بعين الباصرة ويشغل حيزاً من الفضاء ، وجزء آخر يحسّ بعين البصيرة ولا تراه عين الباصرة ، ولكن يقطع كل أحد بوجود شيء في الانسان ، بل والحيوان غير هذا البدن ، بل هو المصرف والمتصرّف في البدن ، ولولاه لكان هذا البدن جماداً لأحس فيه ولا حركة ولا شعور ولا ارادة ؛ اذاً فيلزمنا للوصول الى الحقيقة والغاية المتوخّاة البحث عن هذين الجزئين فاذا عرفناهما حق المعرفة فقد عرفنا كل شيء واندفع كل اشكال ان شاء الله.
( واليك البيان ) يشهد العيان والوجدان
وهما فوق كل دليل وبرهان واليهما منتهى أكثر الادلة أن هذا البدن المحسوس الحي المتحرك بالارادة لا يزال يلبس صورة ويخلعها وتفاض عليه أخرى وهكذا لا تزال تعتور عليه الصور منذ كان نطفة فعلقة فعظاماً فجنيناً فمولوداً فرضيعاً فغلاماً فشاباً فكهلاً فشيخاً فميتاً
فتراباً ،